أَنْ لَا يُشْتَمَ أَهْلُ نَسَبِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ) هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ، وَهِشَامٌ هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ.
قَوْلُهُ: (اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ) أَيِ: ابْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، وَسَبَبُ هَذَا الِاسْتِئْذَانِ مُبَيَّنٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اهْجُوا الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فَقَالَ: اهْجُهُمْ، فَهَجَاهُمْ، فَلَمْ يَرْضَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ، فَقَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ. ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ. قَالَ: لَا تَعْجَلْ.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اهْجُوا الْمُشْرِكِينَ بِالشِّعْرِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ كَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ بِالنَّبْلِ وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ.
قَوْلُهُ: (كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ) أَيْ: كَيْفَ تَهْجُو قُرَيْشًا مَعَ اجْتِمَاعِي مَعَهُمْ فِي نَسَبٍ وَاحِدٍ؟ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مُعْظَمَ طُرُقِ الْهَجْوِ العض بِالْآبَاءِ.
قَوْلُهُ: (لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ) أَيْ: لَأُخَلِّصَنَّ نَسَبَكَ مِنْ نَسَبِهِمْ بِحَيْثُ يَخْتَصُّ الْهَجْوُ بِهِمْ دُونَكَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ: فَقَالَ: ائْتِ أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا حَتَّى يُخَلِّصَ لَكَ نَسَبِي فَأَتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَدْ مَحَّضَ لِي نَسَبَكَ.
قَوْلُهُ: (كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ) أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الشَّعْرَةَ إِذَا أُخْرِجَتْ مِنَ الْعَجِينِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ لِنُعُومَتِهَا، بِخِلَافِ مَا إِذَا سُلَّتْ مِنَ الْعَسَلِ مَثَلًا فَإِنَّهَا قَدْ يَعْلَقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا إِذَا سُلَّتْ مِنَ الْخُبْزِ فَإِنَّهَا قَدْ تَنْقَطِعُ قَبْلَ أَنْ تَخْلُصَ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ أَبِيهِ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَى عُرْوَةَ وَلَيْسَ بِمُعَلَّقٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، فَقَالَ فِيهِ: وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ الزِّيَادَةَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ
قَوْلُهُ: (كَانَ يُنَافِحُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَمَعْنَاهَا يُدَافِعُ أَوْ يُرَامِي، قَالَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْهُ. نَفَحَتِ الدَّابَّةُ إِذَا رَمَحَتْ بِحَوَافِرِهَا، وَنَفَحَهُ بِالسَّيْفِ إِذَا تَنَاوَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَأَصْلُ النَّفْحِ بِالْمُهْمَلَةِ الضَّرْبُ، وَقِيلَ لِلْعَطَاءِ نَفْحٌ كَأَنَّ الْمُعْطِيَ يَضْرِبُ السَّائِلَ بِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لِحَسَّانَ: إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَتْ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَأَشْفَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِرُوحِ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ ﵇، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الشِّعْرِ وَأَحْكَامِهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٧ - بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ﴾ وَقَوْلِهِ: ﴿مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾
٣٥٣٢ - حَدَّثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْنٌ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأنا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا الْعَاقِبُ.
[الحديث ٣٥٣٢ - طرفه في: ٤٨٩٦]
٣٥٣٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ