بِمَكَّةَ إِلَخْ) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَرُّوخٍ بِهِ، وَلَيْسَ لِنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ وَلَا لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ. وَاسْتَشْكَلَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ التَّرْدِيدِ فِي هَذَا الْبَيْعِ حَيْثُ قَالَ: إِنْ رَضِيَ عُمَرُ فَالْبَيْعُ بَيْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَوَجَّهَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْعُهْدَةَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ اهـ.
وَكَأَنَّهُ وَقَفَ مَعَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ الْمُعَلَّقِ وَلَمْ يَرَ سِيَاقَهُ تَامًّا فَظَنَّ أَنَّ الْأَرْبَعَمِائَةَ هِيَ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ نَافِعٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ الثَّمَنُ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَكَانَ نَافِعٌ عَامِلًا لِعُمَرَ عَلَى مَكَّةَ فَلِذَلِكَ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِعُمَرَ بَعْدَ أَنْ أَوْقَعَ الْعَقْدَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كُلِّهِ مَنْ ذَكَرْتُ أَنَّهُمْ وَصَلُوهُ، وَأَمَّا كَوْنُ نَافِعٍ شَرَطَ لِصَفْوَانَ أَرْبَعَمِائَةٍ إِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعْلَهَا فِي مُقَابَلَةِ انْتِفَاعِهِ بِتِلْكَ الدَّارِ إِلَى أَنْ يَعُودَ الْجَوَابُ مِنْ عُمَرَ. وَأَخْرَجَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَبِي غَسَّانَ الْكِنَانِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّ كَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ عَلَى مَكَّةَ فَابْتَاعَ دَارًا لِلسَّجْنِ مِنْ صَفْوَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، لَكِنْ قَالَ بَدَلَ الْأَرْبَعِمِائَةٍ: خَمْسَمِائَةٍ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ سِجْنُ عَارِمٍ بِمُهْمَلَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَسَجَنَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ) وَصَلَهُ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ فِي تَارِيخِهِ، وَأَبُو الْفَرَجِ الْأَصْبِهَانِيُّ فِي الْأَغَانِي وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: أَخَذَنِي ابْنُ الزُّبَيْرِ فَحَبَسَنِي فِي دَارِ النَّدْوَةِ فِي سِجْنِ عَارِمٍ، فَانْفَلَتُّ مِنْهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَتَخَطَّى الْجِبَالَ حَتَّى سَقَطْتُ عَلَى أَبِي بِمِنًى وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ كُثَيِّرُ عَزَّةَ يُخَاطِبُ ابْنَ الزُّبَيْرِ:
تُخَبِّرُ مَنْ لَاقَيْتَ أَنَّكَ عَابِدٌ … بَلِ الْعَابِدُ الْمَظْلُومُ فِي سِجْنِ عَارِمِ
وَذَكَرَ الْفَاكِهِيُّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ سِجْنُ عَارِمٍ لِأَنَّ عَارِمًا كَانَ مَوْلًى لِمُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَغَضِبَ عَلَيْهِ فَبَنَى لَهُ ذِرَاعًا فِي ذِرَاعٍ ثُمَّ سَدَّ عَلَيْهِ الْبِنَاءَ حَتَّى غَيَّبَهُ فِيهِ فَمَاتَ فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَكَانُ سِجْنَ عَارِمٍ، قَالَ الْفَاكِهِيُّ: وَكَانَ السِّجْنُ فِي دُبُرِ دَارِ النَّدْوَةِ. وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ أَنَّ سَبَبَ غَضَبِ مُصْعَبٍ عَلَى عَارِمٍ أَنَّ عَارِمًا كَانَ مُنْقَطِعًا إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَلَمَّا جَهَّزَ عَمْرٌو الْبَعْثَ بِأَمْرِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ صَحِبَهُ عَمْرُو بنُ الزُّبَيْرِ - وَكَانَ يُعَادِي أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ - فَخَرَجَ عَارِمٌ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ فَظَفِرَ بِهِ مُصْعَبٌ فَفَعَلَ بِهِ مَا فَعَلَ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ، وَقَدْ سَبَقَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
٩ - بَاب فِي الْمُلَازَمَةِ
٢٤٢٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عن جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ - وَقَالَ غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ دَيْنٌ، فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: يَا كَعْبُ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: النِّصْفَ - فَأَخَذَ نِصْفَ مَا عَلَيْهِ وَتَرَكَ نِصْفًا.
قَوْلُهُ: (بَابٌ فِي الْمُلَازَمَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute