الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ الصَّغَانِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِقِصَارِ السُّوَرِ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْأُسُودِ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَرْوَانَ: أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ، أَتَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَإِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، وَصَرَّحَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ عُرْوَةَ، وَزَيْدٍ، فَكَأَنَّ عُرْوَةَ سَمِعَهُ مِنْ مَرْوَانَ، عَنْ زَيْدٍ ثُمَّ لَقِيَ زَيْدًا فَأَخْبَرَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ سَمِعْتُ) اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ الْمُنِيرِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ ﷺ نَادِرًا، قَالَ: لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَقَالَ كَانَ يَفْعَلُ، يُشْعِرُ بِأَنَّ عَادَتَهُ كَانَتْ كَذَلِكَ. انْتَهَى. وَغَفَلَ عَمَّا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ: لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ.
قَوْلُهُ: (بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ) أَيْ: بِأَطْوَلِ السُّورَتَيْنِ الطَّوِيلَتَيْنِ وَطُولَى تَأْنِيثُ أَطْوَلَ، وَالطُّولَيَيْنِ بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ طُولَى، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِطُولِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَوَجَّهَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ وَأَرَادَ الْوَصْفَ أَيْ: كَانَ يَقْرَأُ بِمِقْدَارِ طُولِ الطُّولَيَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ بِقَدْرِ السُّورَتَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ. وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ ضَبَطَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ. قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الطِّوَلَ الْحَبْلُ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا. انْتَهَى.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِأَطْوَلِ الطُّولَيَيْنِ بِالتَّذْكِيرِ، وَلَمْ يَقَعْ تَفْسِيرُهُمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ الْمَذْكُورَةِ: بِأَطْوَلِ الطُّولَيَيْنِ المص وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: قَالَ: قُلْتُ وَمَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ؟ قَالَ: الْأَعْرَافُ، وَبَيَّنَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ وَلَفْظُهُ: قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَهِيَ كُنْيَةُ عُرْوَةَ.
وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِ: قَالَ فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ. وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَمَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ، زَادَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ - يَعْنِي ابْنَ جُرَيْجٍ - وَسَأَلْتُ أَنَا ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ لِي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ الْمَائِدَةُ وَالْأَعْرَافُ كَذَا رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَلِلْجَوْزَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْأَنْعَامَ بَدَلَ الْمَائِدَةِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالصَّغَانِيُّ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ بَدَلَ الْأَنْعَامِ يُونُسَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ، فَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَفْسِيرِ الطُّولَى بِالْأَعْرَافِ، وَفِي تَفْسِيرِ الْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، الْمَحْفُوظُ مِنْهَا الْأَنْعَامُ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْبَقَرَةُ أَطْوَلُ السَّبْعِ الطِّوَالِ فَلَوْ أَرَادَهَا لَقَالَ طُولَى الطِّوَالِ، فَلَمَّا لَمْ يُرِدْهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْأَعْرَافَ؛ لِأَنَّهَا أَطْوَلُ السُّوَرِ بَعْدَ الْبَقَرَةِ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النِّسَاءَ أَطْوَلُ مِنَ الْأَعْرَافِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّعْقِيبُ بِمَرْضِيٍّ؛ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ عَدَدَ الْآيَاتِ، وَعَدَدُ آيَاتِ الْأَعْرَافِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ آيَاتِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهَا مِنَ السَّبْعِ بَعْدَ الْبَقَرَةِ، وَالْمُتَعَقِّبُ اعْتَبَرَ عَدَدَ الْكَلِمَاتِ؛ لِأَنَّ كَلِمَاتِ النِّسَاءِ تَزِيدُ عَلَى كَلِمَاتِ الْأَعْرَافِ بِمِائَتَيْ كَلِمَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: تَسْمِيَةُ الْأَعْرَافِ وَالْأَنْعَامِ بِالطُّولَيَيْنِ إِنَّمَا هُوَ لِعُرْفٍ فِيهِمَا لَا أَنَّهُمَا أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَعَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِغَيْرِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ.
٩٩ - بَاب الْجَهْرِ فِي الْمَغْرِبِ
٧٦٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ.
[الحديث ٧٦٥ - أطرافه في: ٤٨٥٤، ٤٠٢٣، ٣٠٥٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute