للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَمَّا أَفْرَدَ الْيَهُودُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ قَالَ: قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ، أَوِ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاعًا أَوِ اتِّبَاعًا، فَالْيَهُودُ ابْتَدَعَتْ وَالنَّصَارَى اتَّبَعَتْ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ النَّصَارَى تُعَظِّمُ قُبُورَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ تُعَظِّمُهُمُ الْيَهُودُ.

٥٦ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ : جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا

٤٣٨ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَيَّارٌ - هُوَ أَبُو الْحَكَمِ - قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : جُعِلَتْ لَيَ الْأَرْضُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ التَّيَمُّمِ، وَأَخْرَجَهُ هُنَاكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ أَيْضًا وَسَعِيدِ بْنِ النَّضْرِ لَكِنَّهُ سَاقَهُ هُنَاكَ عَلَى لَفْظِ سَعِيدٍ وَهُنَا عَلَى لَفْظِ ابْنِ سِنَانٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا فِي السَّنَدِ وَلَا فِي الْمَتْنِ، وَإِيرَادُهُ لَهُ هُنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْأَبْوَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَيْسَتْ لِلتَّحْرِيمِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا أَيْ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَكَانًا لِلسُّجُودِ، أَوْ يَصْلُحُ أَنْ يُبْنَى فِيهِ مَكَانٌ لِلصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا لِلتَّحْرِيمِ، وَعُمُومُ حَدِيثِ جَابِرٍ مَخْصُوصٌ بِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى (١)؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ سِيقَ فِي مَقَامِ الِامْتِنَانِ فَلَا يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ الْمُتَنَجِّسَةِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّنَجُّسَ وَصْفٌ طَارِئٌ، وَالِاعْتِبَارُ بِمَا قَبْلَ ذَلِكَ.

٥٧ - بَاب نَوْمِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ

٤٣٩ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ سَوْدَاءَ لِحَيٍّ مِنْ الْعَرَبِ فَأَعْتَقُوهَا فَكَانَتْ مَعَهُمْ. قَالَتْ: فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشَاحٌ أَحْمَرُ مِنْ سُيُورٍ. قَالَتْ: فَوَضَعَتْهُ - أَوْ وَقَعَ مِنْهَا - فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ وَهُوَ مُلْقًى، فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ. قَالَتْ: فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ. قَالَتْ: فَاتَّهَمُونِي بِهِ. قَالَتْ: فَطَفِقُوا يُفَتِّشُونَ حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا. قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ إِذْ مَرَّتْ الْحُدَيَّاةُ فَأَلْقَتْهُ، قَالَتْ: فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ زَعَمْتُمْ، وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ وَهُوَ ذَا هُوَ. قَالَتْ: فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَسْلَمَتْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ حِفْشٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي فَتَحَدَّثُ عِنْدِي. قَالَتْ: فَلَا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا إِلَّا قَالَتْ:

وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا … أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي


(١) في كون الأول أولى نظر. والأصح الثاني. وعليه تكون المقبرة ونحوها مما صح النهي عن الصلاة فيه مخصوصة من عموم حديث جابر المذكور. والله أعلم