بِنْتَهُ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الِاعْتِمَادُ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَالْعَمَلُ بِمَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ. وَفِيه أَنَّ الطَّالِبَ لَا يَغْفُلُ عَنِ النَّظَرِ فِي أَمْرِ مَعَاشِهِ لِيَسْتَعِينَ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ، مَعَ أَخْذِهِ بِالْحَزْمِ فِي السُّؤَالِ عَمَّا يَفُوتُهُ يَوْمَ غَيْبَتِهِ، لِمَا عُلِمَ مِنْ حَالِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَانَى التِّجَارَةَ إِذْ ذَاكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبُيُوعِ. وَفِيهِ أَنَّ شَرْطَ التَّوَاتُرِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ نَقَلَتِهِ الْأَمْرَ الْمَحْسُوسَ، لَا الْإِشَاعَةَ الَّتِي لَا يُدْرَى مَنْ بَدَأَ بِهَا. وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٢٨ - بَاب الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ
٩٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ. فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمْ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ.
[الحديث ٩٠ - أطرافه في: ٧١٥٩، ٦١١٠، ٧٠٤، ٧٠٢]
قَوْلُهُ: (بَابُ الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ) هُوَ الْعَبْدِيُّ وَلَمْ يُخَرِّجْ لِلصَّغَانِيِّ شَيْئًا.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ (عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ) هُوَ إِسْمَاعِيلُ.
قَوْلُهُ: (قَالَ رَجُلٌ) قِيلَ: هُوَ حَزْمُ بْنُ أَبِي كَعْبٍ.
قَوْلُهُ: (لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطِيلُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: ظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ التَّطْوِيلَ يَقْتَضِي الْإِدْرَاكَ لَا عَدَمَهُ، قَالَ: فَكَأَنَّ الْأَلِفَ زِيدَتْ بَعْدَ لَا، وَكَأَنَّ أُدْرِكُ كَانَتْ أَتْرُكُ. قُلْتُ: هُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ لَوْ سَاعَدَتْهُ الرِّوَايَةُ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ بْنُ سِرَاجٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ ضَعْفٌ، فَكَانَ إِذَا طَوَّلَ بِهِ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ لَا يَبْلُغُ الرُّكُوعَ إِلَّا وَقَدِ ازْدَادَ ضَعْفُهُ فَلَا يَكَادُ يُتِمُّ مَعَهُ الصَّلَاةَ. قُلْتُ: وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ، لَكِنْ رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ: إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ فَعَلَى هَذَا فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: إِنِّي لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ أَيْ: لَا أَقْرُبُ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ بَلْ أَتَأَخَّرُ عَنْهَا أَحْيَانًا مِنْ أَجْلِ التَّطْوِيلِ، وَسَيَأْتِي تَحْرِيرُ هَذَا فِي مَوْضِعِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي اسْمِ الشَّاكِي وَالْمَشْكُوِّ.
قَوْلُهُ: (أَشَدَّ غَضَبًا) قِيلَ: إِنَّمَا غَضِبَ لِتَقَدُّمِ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَذَا الْحَاجَةِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ: وَذُو الْحَاجَةِ وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَوْضِعِ اسْمِ أنَّ قَبْلَ دُخُولِهَا، أَوْ هُوَ اسْتِئْنَافٌ.
٩١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عامر، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ الْمَدِينِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا - أَوْ قَالَ: وِعَاءَهَا - وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوْ قَالَ: احْمَرَّ وَجْهُهُ - فَقَالَ: وَمَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَرْعَى الشَّجَرَ، فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ.
[الحديث ٩١ - أطرافه في: ٦١١٢، ٥٢٩٢، ٢٤٣٨، ٢٤٣٦، ٢٤٢٩، ٢٤٢٨، ٢٤٢٧، ٢٣٧٢]