للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزُّهْرِيِّ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، والْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَصْرِيحًا، وَإِنَّمَا قَالُوا فِيمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا تُجْزِئُهُ تَكْبِيرَةُ الرُّكُوعِ. نَعَمْ نَقَلَهُ الْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ، وَمُخَالَفَتُهُمَا لِلْجُمْهُورِ كَثِيرَةٌ.

(تَنْبِيهٌ): لَمْ يُخْتَلَفْ فِي إِيجَابِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْإِيمَانِ حَيْثُ قَالَ: بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ فَدَخَلَ فِيهِ الْإِيمَانُ وَالْوُضُوءُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ.

٨٣ - بَاب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مَعَ الِافْتِتَاحِ سَوَاءً.

٧٣٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مَعَ الِافْتِتَاحِ سَوَاءٌ) هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ الْآتِيَةِ بَعْدَ بَابٍ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ فَهَذَا دَلِيلُ الْمُقَارَنَةِ. وَقَدْ وَرَدَ تَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ وَعَكْسُهُ، أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ، فَفِي حَدِيثِ الْبَابِ عِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِلَفْظِ: رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ، وَفِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عِنْدَهُ: كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَفِي الْمُقَارَنَةِ وَتَقْدِيمِ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُقَارَنَةُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَى الرَّفْعِ، وَيُرَجِّحُ الْأَوَّلَ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ، وَقَضِيَّةُ الْمَعِيَّةِ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَنَقَلَهَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَصُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ - تَبَعًا لِأَصْلِهَا - أَنَّهُ لَا حَدَّ لِانْتِهَائِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الْأَصَحُّ يَرْفَعُ ثُمَّ يُكَبِّرُ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ نَفْيُ صِفَةِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ، وَالتَّكْبِيرُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُ، وَالنَّفْيُ سَابِقٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي الرَّفْعِ مَا ذَكَرَ. وَقَدْ قَالَ فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْحِكْمَةُ فِي اقْتِرَانِهِمَا أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعَهُ الْأَعْمَى.

وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي ذَلِكَ مُنَاسَبَاتٌ أُخَرُ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إِلَى طَرْحِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَقِيلَ: إِلَى الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ؛ لِيُنَاسِبَ فِعْلُهُ قَوْلَهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. وَقِيلَ: إِلَى اسْتِعْظَامِ مَا دَخَلَ فِيهِ، وَقِيلَ: إِشَارَةٌ إِلَى تَمَامِ الْقِيَامِ، وَقِيلَ: إِلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ، وَقِيلَ: لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا أَنْسَبُهَا. وَتُعُقِّبَ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: قُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ: مَا مَعْنَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: تَعْظِيمُ اللَّهِ، وَاتِّبَاعُ سُنَّةِ نَبِيِّهِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ مِنْ زِينَةِ الصَّلَاةِ. وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: بِكُلِّ رَفْعٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، بِكُلِّ إِصْبَعٍ حَسَنَةٌ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) هُوَ الْقَعْنَبِيُّ، وَفِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافُ مَا فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي الْمُوَطَّأِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَتِهِ بِلَفْظِ الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْقَعْنَبِيُّ، وَسَرَدَ جَمَاعَةٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ الرَّفْعَ عِنْدَ الرُّكُوعِ. قَالَ: وَحَدَّثَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمْ بِإِثْبَاتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كُلُّ مَنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَثْبَتَهُ غَيْرُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ خَاصَّةً، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ