(وَأَنَّ بعْضِهِمْ لَمِائَةَ أَلْفٍ) هَذِهِ اللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ وَهِيَ ابْتِدَائِيَّةٌ لِدُخُولِهَا عَلَى اسْمِ إِنَّ وَتَقَدَّمَ الْخَبَرُ، وَهِيَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً﴾ وَمُرَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَدَثَ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ بِلَفْظِ: وَإِنَّ لِبَعْضِهِمُ الْيَوْمَ مِائَةَ أَلْفٍ. زَادَ النَّسَائِيُّ: وَمَا كَانَ لَهُ يَوْمئِذٍ دِرْهَمٌ، أَيْ: فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَحْمِلُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (قَالَ مَا نَرَاهُ إِلَّا نَفْسَهُ) بَيَّنَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ أَبُو وَائِلٍ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ.
١٤ - بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ: بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا قَالَ بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فلَكَ أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ
٢٢٧٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، قال: نَهَى ﷺ أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَلَا يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا قَوْلُهُ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا.
قَوْلُهُ: (بَابُ أَجْرِ السَّمْسَرَةِ) أَيْ: حُكْمُهُ وَهِيَ بِمُهْمَلَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا) أَمَّا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمَ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمَا بِلَفْظِ: لَا بَأْسَ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ إِذَا اشْتَرَى يَدًا بِيَدٍ. وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءٍ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا بِلَفْظِ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ السَّمْسَرَةِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَهَا، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْكُوفِيِّينَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأَسَ أَنْ يَقُولَ: بِعْ هَذَا الثَّوْبَ، فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ نَحْوَهُ، وَهَذِهِ أَجْرُ سَمْسَرَةٍ أَيْضًا لَكِنَّهَا مَجْهُولَةٌ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُجِزْهَا الْجُمْهُورُ وَقَالُوا: إِنْ بَاعَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ إِجَازَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْمُقَارِضِ، وَبِذَلِكَ أَجَابَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ أَنَّ بَعْضَهُمْ شَرَطَ فِي جَوَازِهِ أَنْ يَعْلَمَ النَّاسُ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّ الْجَهْلَ بِمِقْدَارِ الْأُجْرَةِ بَاقٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَلَكَ أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنْهُ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِصُورَةِ الْمُقَارِضِ مِنَ السِّمْسَارِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) هَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يُوصِلْهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَكَانٍ آخَرَ، وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ فَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِهِ، وَزَادَ: إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَكُثَيِّرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ يُقَوُّونَ أَمْرَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَصَلَهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ وَهُوَ بِمُوَحَّدَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِهِ أَيْضًا دُونَ زِيَادَةِ كَثِيرٍ، فَزَادَ بَدَلَهَا: وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ