للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - باب إِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأَهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أَكَلَهُ

وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا، وَهُوَ في غَيْرُ الصَّيْدِ، نَحْوُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ، يُقَالُ ﴿عَدْلُ ذَلِكَ﴾ مِثْلُ، فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلٌ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ، ﴿قِيَامًا﴾ قِوَامًا. ﴿يَعْدِلُونَ﴾ يَجْعَلُونَ عَدْلًا.

١٨٢١ - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ. وَحُدِّثَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ عَدُوًّا يَغْزُوهُ فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ، فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يضَحَّكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ فَطَلَبْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ قُلْتُ: أَيْنَ تَرَكْتَ النَّبِيَّ ﷺ؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهَنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ فَانْتَظِرْهُمْ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: كُلُوا، وَهُمْ مُحْرِمُونَ.

[الحديث ١٨٢١ - أطرافه في: ١٨٢٢، ١٨٢٣، ١٨٢٤، ٢٥٧٠، ٢٨٥٤، ٢٩١٤، ٤١٤٩، ٥٤٠٦، ٥٤٠٧، ٥٤٩٠، ٥٤٩١، ٥٤٩٢]

قَوْلُهُ: (بَابٌ: إِذَا صَادَ الْحَلَالُ فَأُهْدِيَ لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدُ، أَكَلَهُ) كَذَا ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ فَجَعَلُوهُ مِنْ جُمْلَةِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهْ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ بِالذَّبْحِ بَأْسًا، وَهُوَ فِي غَيْرِ الصَّيْدِ نَحْوَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالدَّجَاجِ وَالْخَيْلِ) الْمُرَادُ بِالذَّبْحِ مَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ، وَالْأَمْرُ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ خَصَّصَهُ بِمَا ذَكَرَ تَفَقُّهًا، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ حُكْمَ مَا ذَبَحَهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ حُكْمُ الْمَيْتَةِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ مَعَ الْحُرْمَةِ حَتَّى يَجُوزَ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ جَزُورًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَأَمَّا أَثَرُ أَنَسٍ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ الصَّبَّاحِ الْبَجَلِيِّ سَأَلْتُ أَنَسَ ابْنَ مَالِكٍ عَنِ الْمُحْرِمِ يَذْبَحُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيِ: الْمَذْبُوحُ. . . إِلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، قَالَهُ تَفَقُّهًا، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا الْخَيْلَ؛ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمِنْ يُبِيحُ أَكْلَهَا.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ: عَدْلُ مِثْلُ، فَإِذَا كُسِرَتْ عِدْلُ فَهُوَ زِنَةُ ذَلِكَ) أَمَّا تَفْسِيرُ الْعَدْلِ بِالْفَتْحِ بِالْمِثْلِ وَالْكَسْرِ بِالزِّنَةِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ الْعَدْلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ هُوَ قَدْرُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ قَدْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ. قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ إِلَى أَنَّ الْعَدْلَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: عَدَلْتُ هَذَا بِهَذَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَدْلُ هُوَ الْقِسْطُ فِي الْحَقِّ، وَالْعِدْلُ بِالْكَسْرِ الْمِثْلُ. انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الزَّكَاةِ.

قَوْلُهُ: ﴿قِيَامًا﴾ قِوَامًا)، هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: أَصْلُهُ الْوَاوُ فَحُوِّلَتْ عَيْنُ الْفِعْلِ يَاءً كَمَا قَالُوا فِي الصَّوْمِ: صُمْتُ صِيَامًا، وَأَصْلُهُ صِوَامًا. قَالَ الشَّاعِرُ:

قِيَامُ دُنْيَا وَقِوَامُ دِينٍ.

فَرَدَّهُ إِلَى أَصْلِهِ.

قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَالْمَعْنَى جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّئِيسِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ أَمْرُ أَتْبَاعِهِ، يُقَالُ: فُلَانٌ قِيَامُ الْبَيْتِ وَقِوَامُهُ الَّذِي يُقِيمُ شَأْنَهُمْ.

قَوْلُهُ: ﴿يَعْدِلُونَ﴾ يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا) هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَمُنَاسَبَةُ إِيرَادِهِ هُنَا ذِكْرُ لَفْظِ الْعَدْلِ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ وَفِي قَوْلِهِ: يَعْدِلُونَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُمَا مِنْ مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَوْلُهُ: يَجْعَلُونَ لَهُ عَدْلًا أَيْ: مِثْلًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا