للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (قَالَ: نَعَمْ فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ فَحَمَلَنَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ، وَابْنِ عُلَيَّةَ، كِلَاهُمَا عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مَقْلُوبًا، وَلَفْظُهُ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، لِابْنِ الزُّبَيْرِ جَعَلَ الْمُسْتَفْهِمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَالْقَائِلَ: فَحَمَلَنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَالَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ أَصَحُّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ؛ فَإِنَّ ابْنَ جَعْفَرٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، بِخِلَافِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ جَدَّ أَبِيهِ، لَكِنَّهُ جَدُّهُ لِأُمِّهِ.

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ سَارَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّ النَّبِيَّ حَمَلَهُ خَلْفَهُ، وَحَمَلَ قُثَمَ بْنَ عَبَّاسٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ: حِفْظُ الْيَتِيمِ، يُشِيرُ إِلَى أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ مَاتَ، فَعَطَفَ النَّبِيُّ عَلَى وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَأَغْرَبَ ابْنُ التِّينِ فَقَالَ: إِنَّ فِي الْحَدِيثِ النَّصَّ بِأَنَّهُ حَمَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يَحْمِلِ ابْنَ جَعْفَرٍ. قَالَ: وَلَعَلَّ الدَّاوُدِيَّ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ: فَحَمَلَنَا وَتَرَكَكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ جَعْفَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، كَذَا قَالَ، وَالَّذِي قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ، فَمَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَ ابْنُ التِّينِ إِنَّهُ نَصٌّ فِي خِلَافِهِ، وَقَدْ نَبَّهَ عِيَاضٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ هُوَ الصَّوَابُ، قَالَ: وَتَأْوِيلُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنْ يُجْعَلَ الضَّمِيرُ فِي حَمَلَنَا لِابْنِ جَعْفَرٍ، فَيَكُونُ الْمَتْرُوكُ ابْنَ الزُّبَيْرِ. قَالَ: وَوَقَعَ عَلَى الصَّوَابِ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَغَيْرِهِمَا. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، فَبَيَّنَ سَبَبَ الْوَهْمِ وَلَفْظُهُ مِثْلُ مُسْلِمٍ، لَكِنْ زَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: (قَالَ نَعَمْ: قَالَ: فَحَمَلَنَا، قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثَنَا بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ فِيهِ: قَالَ: نَعَمْ، فَحَمَلَنَا يَعْنِي وَأَسْقَطَ قَالَ: الَّتِي بَعْدَ نَعَمْ. قُلْتُ: وَبِإِثْبَاتِهَا تُوَافِقُ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ، وَبِحَذْفِهَا تُخَالِفُهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ أَيْضًا جَوَازُ الْفَخْرِ بِمَا يَقَعُ مِنْ إِكْرَامِ النَّبِيِّ ، وَثُبُوتُ الصُّحْبَةِ لَهُ وَلِابْنِ الزُّبَيْرِ - وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي السِّنِّ - وَقَدْ حَفِظَا غَيْرَ هَذَا.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْمُلَاقَاةِ، وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي، وَوَقَعَ لِابْنِ التِّينِ هُنَا فِي الْمُرَادِ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ شَيْءٌ رَدَّهُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقَّنِ، وَالصَّوَابُ مَعَ ابْنِ التِّينِ.

١٩٧ - بَاب مَا يَقُولُ إِذَا رَجَعَ مِنْ الْغَزْوِ

٣٠٨٤ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا قَفَلَ كَبَّرَ ثَلَاثًا، قَالَ: آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ، حَامِدُونَ، لِرَبِّنَا سَاجِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.

٣٠٨٥ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ مَقْفَلَهُ مِنْ عُسْفَانَ، وَرَسُولُ اللَّهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَدْ أَرْدَفَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَعَثَرَتْ نَاقَتُهُ، فَصُرِعَا جَمِيعًا، فَاقْتَحَمَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: عَلَيْكَ الْمَرْأَةَ، فَقَلَبَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِهِ، وَأَتَاهَا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، وَأَصْلَحَ لَهُمَا مَرْكَبَهُمَا، فَرَكِبَا، وَاكْتَنَفْنَا رَسُولَ اللَّهِ ،