للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَيْنَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي أُعْطِيَهَا وَبَيْنَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَمِنْ شَرْطِ الْمُفَاضَلَةِ اسْتِوَاءُ الشَّيْئَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى ثُمَّ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَا اسْتِوَاءَ بَيْنَ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ وَالدُّنْيَا بِأَسْرِهَا. وَأَجَابَ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ إِلَّا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ، فَأَخْرَجَ الْخَبَرَ عَنْ ذِكْرِ الشَّيْءِ بِذِكْرِ الدُّنْيَا؛ إِذْ لَا شَيْءَ سِوَاهَا إِلَّا الْآخِرَةَ. وَأَجَابَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ أَفْعَلَ قَدْ لَا يُرَادُ بِهَا الْمُفَاضَلَةَ كَقَوْلِهِ: ﴿خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا﴾ وَلَا مُفَاضَلَةَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، أَوِ الْخِطَابُ وَقَعَ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِ أَكْثَرِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّنْيَا لَا شَيْءَ مِثْلَهَا أَوْ أَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ فَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ خَيْرٌ مِمَّا يَظُنُّونَ أَنْ لَا شَيْءَ أَفْضَلُ مِنْهُ انْتَهَى. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ الْمُفَاضَلَةَ

بَيْنَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ غَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ فَرَجَّحَهَا، وَجَمِيعُ الْآيَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا لَكِنَّهَا أُنْزِلَتْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا فَدَخَلَتْ كُلُّهَا فِيمَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.

الْحَدِيثُ الْثَّانِي: قَوْلُهُ سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ) هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي الْمَغَازِي بِأَتَمِّ مِنْ هَذَا، وَبَيَّنَ أَنَّ بَعْضَ الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ مَوْصُولٍ وَبَعْضَهُ عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلٌ، وَسُمِّيَ مَا وَقَعَ فِي الْحُدَيْبِيَةِ فَتْحًا لِأَنَّهُ كَانَ مُقَدِّمَةُ الْفَتْحِ وَأَوَّلُ أَسْبَابِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي كِتَابِ الْمَغَازِي.

الحديث الثالث: قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَزْنَ مُحَمَّدٍ.

قَوْلُهُ: (فَرَجَّعَ فِيهَا) أَيْ رَدَّدَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِلَفْظِ كَيْفَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: إإإ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إِشْبَاعِ الْمَدِّ فِي مَوْضِعِهِ، وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ رَاكِبًا فَحَصَلَ التَّرْجِيعُ مِنْ تَحْرِيكِ النَّاقَةِ. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ قِرَاءَةً لَيِّنَةً، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْنَا لَقَرَأْتُ ذَلِكَ اللَّحْنَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، وَسَأَذْكُرُ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ.

٢ - بَاب ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾

٤٨٣٦ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُغِيرَةَ يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا

٤٨٣٧ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ سَمِعَ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا. فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ.

الحديث الرابع: حَدِيِثُ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ: قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (أَنْبَأَنَا حَيْوَةُ) هُوَ ابْنُ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيُّ، وَأَبُو الْأَسْوَدِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّوْفَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِيَتِيمِ عُرْوَةَ، وَنِصْفُ هَذَا الْإِسْنَادِ مِصْرِيُّونَ وَنِصْفُهُ مَدَنِيُّونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ) أَنْكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ وَقَالَ: الْمَحْفُوظُ فَلَمَّا بَدَّنَ أَيْ كَبُرَ فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ