الْخِوَانَ أَخَصُّ مِنَ الْمَائِدَةِ. وَنَفْيُ الْأَخَصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْأَعَمِّ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَوَابِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ أَنَسًا إِنَّمَا نَفَى عِلْمَهُ، قَالَ: وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ مَنْ عَلِمَ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمَائِدَةِ، فَقَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ عِنْدِي مِنْ مَادَ يَمِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ مَادَ يَمِيدُ إِذَا أَعْطَى، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهِيَ فَاعِلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، مِنَ الْعَطَاءِ، قَالَ الشَّاعِرُ: وكُنْتُ لِلْمُنْتَجَعِينَ مَائِدًا
٩ - بَاب السَّوِيقِ
٥٣٩٠ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِالصَّهْبَاءِ - وَهِيَ عَلَى رَوْحَةٍ مِنْ خَيْبَرَ - فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَلَمْ يَجِدْهُ إِلَّا سَوِيقًا فَلَاكَ مِنْهُ، فَلُكْنَا مَعَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَلَّى وَصَلَّيْنَا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
قَوْلُهُ: (بَابُ السَّوِيقِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.
١٠ - بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ فَيَعْلَمَ مَا هُوَ
٥٣٩١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - الَّذِي يُقَالُ لَهُ: سَيْفُ اللَّهِ - أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى مَيْمُونَةَ - وَهِيَ خَالَتُهُ، وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ - فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا، قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتْ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ قَلَّمَا يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطَعَامٍ حَتَّى يُحَدَّثَ بِهِ وَيُسَمَّى لَهُ، فَأَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ إِلَى الضَّبِّ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ النِّسْوَةِ الْحُضُورِ: أَخْبِرْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَا قَدَّمْتُنَّ لَهُ، هُوَ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدَهُ عَنْ الضَّبِّ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَحَرَامٌ الضَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ إِلَيَّ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُسَمَّى لَهُ فَيَعْلَمَ مَا هُوَ) كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا بِالْإِضَافَةِ، وَشَرَحَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ بَابٌ بِالتَّنْوِينِ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا كَانَ يَسْأَلُ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَعَافُ شَيْئًا مِنَ الْمَآكِلِ لِقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ، وَكَانَ هُوَ ﷺ قَدْ يَعَافُ بَعْضَ الشَّيْءِ، فَلِذَلِكَ كَانَ يَسْأَلُ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ السُّؤَالِ أَنَّهُ ﷺ مَا كَانَ يُكْثِرُ الْكَوْنَ فِي الْبَادِيَةِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِبْرَةٌ بِكَثِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِتَحْرِيمِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ وَإِبَاحَةِ بَعْضِهَا وَكَانُوا لَا يُحَرِّمُونَ مِنْهَا شَيْئًا، وَرُبَّمَا أَتَوْا بِهِ مَشْوِيًّا أَوْ مَطْبُوخًا، فَلَا يَتَمَيَّزُ عَنْ غَيْرِهِ إِلَّا بِالسُّؤَالِ عَنْهُ.
ثُمَّ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الضَّبِّ، سَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ. وَوَقَعَ فِيهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute