قَوْلُهُ: بَابُ الِاسْتِلْقَاءِ. هُوَ الِاضْطِجَاعُ عَلَى الْقَفَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ نَوْمٌ أَمْ لَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَحَدِيثُهَا فِي آخِرِ كِتَابِ اللِّبَاسِ قُبَيْلِ كِتَابِ الْأَدَبِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْحُكْمِ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ وَأَنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى وَأَنَّ مَحَلَّ النَّهْيِ حَيْثُ تَبْدُو الْعَوْرَةُ وَالْجَوَازُ حَيْثُ لَا تَبْدُو وَهُوَ جَوَابُ الْخَطَّابِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَقَلْتُ قَوْلَ مَنْ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِي ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُخَرَّجْ فِي الصَّحِيحِ وَأَوْرَدْتُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَفَلَ عَمَّا فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ مِنَ الصَّحِيحِ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ صَحِيحُ مُسْلِمٍ وَسَبَقَ الْقَلَمُ هُنَاكَ فَكَتَبْتُ صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ أَصْلَحْتُهُ فِي أَصْلِي وَلِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْبَابِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
٤٥ - بَاب لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ وَقَوْلُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾
٦٢٨٨ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ.
قَوْلُهُ: بَابُ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ. أَيْ لَا يَتَحَدَّثَانِ سِرًّا وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ وَقَالَ ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ الْآيَتَيْنِ بِتَمَامِهِمَا، وَأَشَارَ بِإِيرَادِ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ إِلَى أَنَّ التَّنَاجِيَ الْجَائِزَ الْمَأْخُوذَ مِنْ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ مُقَيَّدٌ، بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
قَوْلُهُ: (وَقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ الْآيَتَيْنِ أَيْضًا، وَزَعَمَ ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ وَإِذَا تَنَاجَيْتُمْ قَالَ: وَالتِّلَاوَةُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ﴾. قُلْتُ: وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الصَّحِيحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ التِّينِ. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَأَخْرَجَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ كَانَ لَا يُنَاجِي النَّبِيَّ ﷺ أَحَدٌ إِلَّا تَصَدَّقَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ نَاجَاهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ وَنَزَلَتِ الرُّخْصَةُ ﴿فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ الْآيَةَ، وَهَذَا مُرْسَلٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَجَاءَ مَرْفُوعًا عَلَى غَيْرِ هَذَا السِّيَاقِ عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا تَقُولُ دِينَارٌ، قُلْتُ: لَا يُطِيقُونَهُ، قَالَ فِي نِصْفِ دِينَارٍ، قُلْتُ: لَا يُطِيقُونَهُ، قَالَ: فَكَمْ قُلْتُ شَعِيرَةٌ، قَالَ إِنَّكَ لَزَهِيدٌ قَالَ: فَنَزَلَتْ ﴿أَأَشْفَقْتُمْ﴾ الْآيَةَ قَالَ عَلِيٌّ: فَبِي خُفِّفَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لَهُ شَاهِدًا.
قَوْلُهُ: عَنْ نَافِعٍ. كَذَا أَوْرَدَهُ هُنَا عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَلِمَالِكٍ فِيهِ شَيْخٌ آخَرُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ قِصَّةٌ سَأَذْكُرُهَا بَعْدَ بَابٍ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِنَصْبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute