للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَهُ الْوَاجِبُ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُسَوِّي بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْجَمَاعَةِ وَفِي سَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ، فَيَخْرُجُ فِي لَيَالِي الْكُلِّ أَوْ لَا يَخْرُجُ أَصْلًا، فَإِنْ خَصَّصَ حَرُمَ عَلَيْهِ، وَعَدُّوا هَذَا مِنَ الْأَعْذَارِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: أَفْرَطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَجَعَلَ مَقَامَهُ عِنْدَهَا عُذْرًا فِي إِسْقَاطِ الْجُمُعَةِ، وَبَالَغَ فِي التَّشْنِيعِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْمَقَامِ عِنْدَهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، فَعَلَى الْأَصَحِّ يَتَعَارَضُ عِنْدَهُ الْوَاجِبَانِ، فَقَدَّمَ حَقَّ الْآدَمِيِّ، هَذَا تَوْجِيهُهُ، فَلَيْسَ بِشَنِيعٍ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا، وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ فِي السَّبْعِ وَفِي الثَّلَاثِ، فَلَوْ فَرَّقَ لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِهِ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَقِيلَ: هِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرَّةِ وَيُجْبَرُ الْكَسْرُ.

١٠٢ - بَاب مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ

٥٢١٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ.

قَوْلُهُ (بَابُ مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَنَدًا وَمَتْنًا فِي كِتَابِ الْغُسْلِ مَعَ شَرْحِهِ وَفَوَائِدِهِ وَالِاخْتِلَافِ عَلَى قَتَادَةَ فِي كَوْنِهِنَّ تِسْعًا أَوْ إِحْدَى عَشَرَةَ وَبَيَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ.

وَتَعَلَّقَ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْعَرَبِيِّ نَقَلَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَاعَةٌ مِنَ النَّهَارِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الْقَسْمُ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَقُلْتُ: إِنِّي لَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ دَلِيلًا، ثُمَّ وَجَدْتُ حَدِيثَ عَائِشَةَ الَّذِي فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا بِلَفْظِ: كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِيهِ بَقِيَّةُ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ هِيَ الَّتِي لَمْ يَكُنِ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِيهَا وَأَنَّهُ تَرَكَ إِتْيَانَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ (١)، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ تَوْجِيهَاتٌ غَيْرُ هَذِهِ هُنَاكَ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ فِي الشِّفَا أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي طَوَافِهِ عَلَيْهِنَّ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَانَ لِتَحْصِينِهِنَّ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ عَدَمَ تَشَوُّفِهِنَّ لِلْأَزْوَاجِ، إِذِ الْإِحْصَانُ لَهُ مَعَانٍ مِنْهَا الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعِفَّةُ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِإِرَادَةِ الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، كَمَا تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ كَثْرَةِ النِّسَاءِ. وَفِي التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُنَّ حَرُمَ عَلَيْهِنَّ التَّزْوِيجُ بَعْدَهُ وَعَاشَ بَعْضُهُنَّ بَعْدَهُ خَمْسِينَ سَنَةً فَمَا دُونَهَا وَزَادَتْ آخِرُهُنَّ مَوْتًا عَلَى ذَلِكَ.

١٠٣ - بَاب دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِي الْيَوْمِ

٥٢١٦ - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ ما كَانَ يَحْتَبِسُ.


(١) قال مصحح طبعة بولاق: لعل فيه سقطا وتحريفا، ولعل الأصل: وإن ترك نسائه كلهن في ساعة واحدة محمول على تلك الساعة أو نحو ذلك.