رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمِنْ عَلِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ: يُعَرِّضُ وَلَا يَبُوحُ)؛ أَيْ لَا يُصَرِّحُ (يَقُولُ: إِنَّ لِي حَاجَةٌ وَأَبْشِرِي).
قَوْلُهُ: (نَافِقَةٌ) بِنُونٍ وَفَاءٍ وَقَافٍ؛ أَيْ رَائِجَةٌ بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْجِيمِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُعِدْ شَيْئًا) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ، وَأَثَرُ عَطَاءٍ هَذَا وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْهُ مُفَرَّقًا، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَيْفَ يَقُولُ الْخَاطِبُ؟ قَالَ: يُعَرِّضُ تَعْرِيضًا وَلَا يَبُوحُ بِشَيْءٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَا تُعِدْ شَيْئًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلًا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ نَكَحَهَا)؛ أَيْ تَزَوَّجَهَا (بَعْدُ)؛ أَيْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا)؛ أَيْ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِثْمُ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَقِبَ أَثَرِ عَطَاءٍ قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَيْرٌ لَكَ أَنْ تُفَارِقَهَا. وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ صَرَّحَ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لَكِنْ لَمْ يَعْقِدْ إِلَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَقَالَ مَالِكٌ: يُفَارِقُهَا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِنِ ارْتَكَبَ النَّهْي بِالتَّصْرِيحِ الْمَذْكُورِ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: عِلَّةُ الْمَنْعِ مِنَ التَّصْرِيحِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْمُوَافَقَةِ فِي الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ مَحْبُوسَةٌ فِيهَا عَلَى مَاءِ الْمَيِّتِ أَوِ الْمُطْلِقِ اهـ.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ لِمَنْعِ الْعَقْدِ لَا لِمُجَرَّدِ التَّصْرِيحِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّصْرِيحُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْوِقَاعِ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْعِدَّةِ وَدَخَلَ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدُ. وَقَالَ الْبَاقُونَ: بَلْ يَحِلُّ لَهُ إِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِذَا شَاءَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسَنُ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا الزِّنَا) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ عَنْهُ بِلَفْظِهِ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: هُوَ الْفَاحِشَةُ. قَالَ قَتَادَةُ قَوْلُهُ: سِرًّا أَيْ لَا تَأْخُذُ عَهْدَهَا فِي عِدَّتِهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ غَيْرُهُ. وَأَخْرَجَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ وَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَنْ فَسَّرَهُ بِالزِّنَا؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْكَلَامِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُسَمَّى الْجِمَاعُ سِرًّا، فَلِذَلِكَ يجُوزُ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْعَقْدِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُوَاعَدَةَ عَلَى ذَلِكَ تَزِيدُ عَلَى التَّعْرِيضِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَاسْتُدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ فِي الْقَذْفِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ؛ لِأَنَّ خِطْبَةَ الْمُعْتَدَّةِ حَرَامٌ، وَفَرَّقَ فِيهَا بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ فَمُنِعَ التَّصْرِيحُ وَأُجِيزَ التَّعْرِيضُ، مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مَفْهُومٌ مِنْهُمَا، فَكَذَلِكَ يفَرَّقُ فِي إِيجَابِ حَدِّ الْقَذْفِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ.
وَاعْتَرَضَ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ: يَلْزَمُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولُوا بِإِبَاحَةِ التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ، وَهَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ التَّعْرِيضَ دُونَ التَّصْرِيحِ فِي الْإِفْهَامِ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ فِي إِيجَابِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّ لِلَّذِي يُعَرِّضُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أُرِدِ الْقَذْفَ بِخِلَافِ الْمُصَرِّحِ.
قَوْلُهُ: (وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ يَقُولُ: حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ
٣٥ - بَاب النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ
٥١٢٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ يَجِيءُ بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ.
٥١٢٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ