للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْهَالِكَةِ. وَيَزِيدُ ذَلِكَ وُضُوحًا أَنَّ فِي بَقِيَّةِ الْآيَةِ الْخَبَرَ عَنِ الرُّسُلِ وَمَنْ آمَنَ بِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَنُنَجِّي مَنْ نَشَاءُ أَيِ الَّذِينَ هَلَكُوا هُمُ الَّذِينَ ظَنُّوا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كُذِبُوا فَكَذَّبُوهُمْ، وَالرُّسُلُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ هُمُ الَّذِينَ نَجَوْا، انْتَهَى كَلَامُهُ، وَلَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ.

قَوْلُهُ: (قَالَتْ أَجَلْ) أَيْ نَعَمْ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَقِيلٍ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَتْ يَا عُرَيَّةُ وَهُوَ بِالتَّصْغِيرِ وَأَصْلُهُ عُرَيْوَةٌ فَاجْتَمَعَ حَرْفَا عِلَّةٍ فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً ثُمَّ أُدْغِمَتْ فِي الْأُخْرَى.

قَوْلُهُ: (لَعَمْرِي لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِحَمْلِ عُرْوَةَ الظَّنَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهُوَ رُجْحَانُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَوَافَقَتْهُ عَائِشَةُ. لَكِنْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّنِّ هُنَا الْيَقِينُ. وَنَقَلَهُ نَفْطَوَيْهِ هُنَا عَنْ أَكْثَرَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَقَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ فِي آيَةٍ أُخْرَى ﴿وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ﴾ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ: إِنَّ الظَّنَّ لَا تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي مَوْضِعِ الْعِلْمِ إِلَّا فِيمَا كَانَ طَرِيقُهُ غَيْرَ الْمُعَايَنَةِ، فَأَمَّا مَا كَانَ طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةَ فَلَا، فَإِنَّهَا لَا تَقُولُ أَظُنُّنِي إِنْسَانًا وَلَا أَظُنُّنِي حَيًّا بِمَعْنَى إِنْسَانًا أَوْ حَيًّا.

قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: (أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ فَقُلْتُ لَعَلَّهَا كُذِبُوا مُخَفَّفَةٌ قَالَتْ مَعَاذَ اللَّهِ. نَحْوَهُ) هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ سَاقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ.

(فَائِدَةٌ):

قَوْلُهُ تَعَالَى فِي بَقِيَّةِ الْآيَةِ (فَنُنْجِي مَنْ نَشَاءُ) قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنُونَيْنِ الثَّانِيَةُ سَاكِنَةٌ وَالْجِيمُ خَفِيفَةٌ وَسُكُونُ آخِرِهِ مُضَارِعُ أَنْجَى، وَقَرَأَ عَاصِمٌ، وَابْنُ عَامِرٍ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَجِيمٍ مُشَدَّدَةٍ وَفَتْحِ آخِرِهِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَمَنْ قَائِمَةٌ مَقَامُ الْفَاعِلِ، وَفِيهَا قِرَاءَاتٌ أُخْرَى. قَالَ الطَّبَرِيُّ: كُلُّ مَنْ قَرَأَ بِذَلِكَ فَهُوَ مُنْفَرِدٌ بِقِرَاءَتِهِ وَالْحُجَّةُ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

١٣ - سُورَةُ الرَّعْدِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ﴾ مَثَلُ الْمُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى ظِلِّ خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلَا يَقْدِرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: سَخَّرَ ذَلَّلَ. ﴿مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ مُتَدَانِيَاتٌ. ﴿الْمَثُلاتُ﴾ وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ الْأَشْبَاهُ وَالْأَمْثَالُ. وَقَالَ: ﴿إِلا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا﴾، ﴿بِمِقْدَارٍ﴾ بِقَدَرٍ. ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾ مَلَائِكَةٌ حَفَظَةٌ تُعَقِّبُ الْأُولَى مِنْهَا الْأُخْرَى. وَمِنْهُ قِيلَ: الْعَقِيبُ، يقال: عَقَّبْتُ فِي إِثْرِهِ. ﴿الْمِحَالِ﴾ الْعُقُوبَةُ. ﴿كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ لِيَقْبِضَ عَلَى الْمَاءِ. ﴿رَابِيًا﴾ مِنْ رَبَا يَرْبُو. ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ﴾ الْمَتَاعُ: مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ. ﴿جُفَاءً﴾ أَجْفَأَتْ الْقِدْرُ إِذَا غَلَتْ فَعَلَاهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلَا مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ. ﴿الْمِهَادُ﴾ الْفِرَاشُ. يَدْرَءُونَ: يَدْفَعُونَ، دَرَأْتُهُ: دَفَعْتُهُ. ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ أَيْ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. ﴿وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾ تَوْبَتِي. أَفَلَمْ يَيْئَسْ: لَمْ يَتَبَيَّنْ. ﴿قَارِعَةٌ﴾ دَاهِيَةٌ. ﴿فَأَمْلَيْتُ﴾ أَطَلْتُ، مِنْ الْمَلِيِّ وَالْمِلَاوَةِ، وَمِنْهُ: ﴿مَلِيًّا﴾ وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنْ الْأَرْضِ: مَلًى مِنْ الْأَرْضِ. ﴿أَشَقُّ﴾ أَشَدُّ، مِنْ الْمَشَقَّةِ. ﴿مُعَقِّبَ﴾ مُغَيِّرٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ طَيِّبُهَا وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ. ﴿صِنْوَانٌ﴾ النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ، ﴿وَغَيْرُ صِنْوَانٍ﴾ وَحْدَهَا. ﴿بِمَاءٍ وَاحِدٍ﴾ كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ