للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَدِيثًا.

قَوْلُهُ: (كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ: بِسْمِ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ صَدَقَةَ: كَانَ يَقُولُ فِي الرُّقْيَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ زِيَادَةٌ فِي أَوَّلِهِ وَلَفْظِهِ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ بِأصْبَعِهِ هَكَذَا - وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا - بِسْمِ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (تُرْبَةُ أَرْضِنَا) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هَذِهِ تُرْبَةُ، وَقَوْلُهُ: بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْفُلُ عِنْدَ الرُّقْيَةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ رِيقِ نَفْسِهِ عَلَى إِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى التُّرَابِ، فَعَلِقَ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِ الْمَوْضِعَ الْعَلِيلَ أَوِ الْجَرِيحَ قَائِلًا الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ فِي حَالَةِ الْمَسْحِ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الرُّقَى مِنْ كُلِّ الْآلَامِ، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَمْرًا فَاشِيًّا مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ، قَالَ: وَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ وَوَضْعُهَا عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ عِنْدَ الرُّقْيَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَزَعَمَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا أَنَّ السِّرَّ فِيهِ أَنَّ تُرَابَ الْأَرْضِ لِبُرُودَتِهِ وَيُبْسِهِ يُبْرِئُ الْمَوْضِعَ الَّذِي بِهِ الْأَلَمُ وَيَمْنَعُ انْصِبَابَ الْمَوَادِّ إِلَيْهِ لِيُبْسِهِ مَعَ مَنْفَعَتِهِ فِي تَجْفِيفِ الْجِرَاحِ وَانْدِمَالِهَا. قَالَ: وَقَالَ فِي الرِّيقِ: إِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالتَّحْلِيلِ وَالْإِنْضَاجِ وَإِبْرَاءِ الْجُرْحِ وَالْوَرَمِ، لَا سِيَّمَا مِنَ الصَّائِمِ الْجَائِعِ، وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا وَقَعَتِ الْمُعَالَجَةُ عَلَى قَوَانِينِهَا، مِنْ مُرَاعَاةِ مِقْدَارِ التُّرَابِ وَالرِّيقِ وَمُلَازَمَةِ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتِهِ، وَإِلَّا فَالنَّفْثُ وَوَضْعُ السَّبَّابَةِ عَلَى الْأَرْضِ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مَا لَيْسَ لَهُ بَالٌ وَلَا أَثَرٌ، وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ بَابِ التَّبَرُّكِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَآثَارِ رَسُولِهِ، وَأَمَّا وَضْعُ الْإِصْبَعِ بِالْأَرْضِ فَلَعَلَّهُ لِخَاصِّيَّةٍ فِي ذَلِكَ، أَوْ لِحِكْمَةِ إِخْفَاءِ آثَارِ الْقُدْرَةِ بِمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ الْمُعْتَادَةِ.

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: قَدْ شَهِدَتِ الْمَبَاحِثُ الطِّبِّيَّةُ عَلَى أَنَّ لِلرِّيقِ مُدْخَلًا فِي النُّضْجِ وَتَعْدِيلِ الْمِزَاجِ، وَتُرَابُ الْوَطَنِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي حِفْظِ الْمِزَاجِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ، فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَسْتَصْحِبَ تُرَابَ أَرْضِهِ إِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِصْحَابِ مَائِهَا، حَتَّى إِذَا وَرَدَ الْمِيَاهَ الْمُخْتَلِفَةَ جَعَلَ شَيْئًا مِنْهُ فِي سِقَائِهِ لِيَأْمَنَ مَضَرَّةَ ذَلِكَ. ثُمَّ إنَّ الرُّقَى وَالْعَزَائِمَ لَهَا آثَارٌ عَجِيبَةٌ تَتَقَاعَدُ الْعُقُولُ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى كُنْهِهَا. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: كَأَنَّ الْمُرَادَ بِالتُّرْبَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى فِطْرَةِ آدَمَ، وَالرِّيقَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى النُّطْفَةِ، كَأَنَّهُ تَضَرُّعٌ بِلِسَانِ الْحَالِ أَنَّكَ اخْتَرَعْتَ الْأَصْلَ مِنَ التُّرَابِ ثُمَّ أَبْدَعْتَهُ مِنْهُ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، فَهَيِّنٌ عَلَيْكَ أَنْ تَشْفِيَ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ نَشْأَتَهُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: قِيلَ الْمُرَادُ بِأَرْضِنَا أَرْضُ الْمَدِينَةِ خَاصَّةً لِبَرَكَتِهَا، وَبَعْضِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِشَرَفِ رِيقِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَخْصُوصًا. وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَوْلُهُ: (يُشْفَى سَقِيمُنَا) ضُبِطَ بِالْوَجْهَيْنِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَسَقِيمُنَا بِالرَّفْعِ، وَبِفَتْحِ أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ مُقَدَّرٌ، وَسَقِيمُنَا بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ.

(تَنْبِيهٌ):

أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الشَّخْصُ الْمَرْقِيُّ، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ: اكْشِفِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ. ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بَطْحَانَ فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ نَفَثَ عَلَيْهِ، ثُمَّ صَبَّهُ عَلَيْهِ.

٣٩ - بَاب النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ

٥٧٤٧ - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ. فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَنْفِثْ حِينَ يَسْتَيْقِظُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ.

وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَإِنْ كُنْتُ لَارَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَيَّ مِنْ الْجَبَلِ فَمَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فَمَا أُبَالِيهَا".