للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَا يَرْجِعُ عَمَّا حَفِظَهُ مِنَ الْقُرْآنِ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَوْ أَخْبَرَهُ غَيْرُهُ أَنَّ تِلَاوَتَهُ نُسِخَتْ، لِأَنَّهُ إِذَا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ حَصَلَ عِنْدَهُ الْقَطْعُ بِهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ أَنَّ تِلَاوَتَهُ نُسِخَتْ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ عُمَرُ بِالْآيَةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّسْخِ وَهُوَ مِنْ أَوْضَحَ الِاسْتِدْلَالِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَقِيَّةُ شَرْحِهِ فِي التَّفْسِيرِ.

٩ - بَاب فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

٥٠٠٦ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَدَعَانِي النَّبِيُّ فَلَمْ أُجِبْهُ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي. قَالَ: أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ﴾؟ ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ؟ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قُلْتَ لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ في الْقُرْآنِ. قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.

٥٠٠٧ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا وَهْبٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا، فَنَزَلْنَا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ، فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ، فَرَقَاهُ فَبَرَأَ، فَأَمَرَ لنا بِثَلَاثِينَ شَاةً وَسَقَانَا لَبَنًا. فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً أَوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ قَالَ: لَا، مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِأُمِّ الْكِتَابِ. قُلْنَا: لَا تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ أَوْ نَسْأَلَ النَّبِيَّ . فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ فَقَالَ: وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ. وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثَنا مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِهَذَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى فِي أَنَّهَا أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَظِيمِ عِظَمِ الْقَدْرِ بِالثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى قِرَاءَتِهَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهَا أَطْوَلَ مِنْهَا، وَذَلِكَ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُنَاسِبَةِ لِذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ.

ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ عَلَى فَضْلِ الْفَاتِحَةِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اخْتُصَّتِ الْفَاتِحَةُ بِأَنَّهَا مَبْدَأُ الْقُرْآنِ وَحَاوِيَةٌ لِجَمِيعِ عُلُومِهِ، لِاحْتِوَائِهَا عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالْإِقْرَارِ بِعِبَادَتِهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ وَسُؤَالِ الْهِدَايَةِ مِنْهُ وَالْإِشَارَةِ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِنِعَمِهِ، وَإِلَى شَأْنِ الْمَعَادِ وَبَيَانِ عَاقِبَةِ الْجَاحِدِينَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهَا كُلَّهَا مَوْضِعُ الرُّقْيَةِ. وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْبَسْمَلَةَ أَفْضَلُ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَتُعُقِّبَ بِحَدِيثِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ إِلَخْ) أَرَادَ بِهَذَا التَّعْلِيقِ