للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَالِكٍ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا أَيْ لَمْ يَتَنَفَّلْ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ بَعْدَ بَابَيْنِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَدِفَ الْفَضْلُ) أَيْ رَكِبَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَهُوَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ كُرَيْبٌ فَقُلْتُ لِأُسَامَةَ: كَيْفَ فَعَلْتُمْ حِينَ أَصْبَحْتُمْ؟ قَالَ رَدِفَهُ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَانْطَلَقْتُ أَنَا فِي سِبَاقِ قُرَيْشٍ عَلَى رِجْلَيَّ يَعْنِي إِلَى مِنًى. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى التَّلْبِيَةِ بَعْدَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ، وَاسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَمْعِ التَّأْخِيرِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ بِمُزْدَلِفَةَ لَكِنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَطَائِفَةٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ النُّسُكِ وَأَغْرَبَ الْخَطَّابِيُّ فَقَالَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَاجُّ الْمَغْرِبَ إِذَا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى يَبْلُغَ الْمُزْدَلِفَةَ وَلَوْ أَجْزَأَتْهُ فِي غَيْرِهَا لَمَا أَخَّرَهَا النَّبِيُّ عَنْ وَقْتِهَا الْمُؤَقَّتِ لَهَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ.

٩٤ - بَاب أَمْرِ النَّبِيِّ بِالسَّكِينَةِ عِنْدَ الْإِفَاضَةِ

وَإِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ

١٦٧١ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى وَالِبَةَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا وَضَرْبًا وَصَوْتًا لِلْإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ؛ فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ.

أَوْضَعُوا: أَسْرَعُوا، ﴿خِلالَكُمْ﴾ مِنْ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ، ﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا﴾ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ أَمْرِ النَّبِيِّ بِالسَّكِينَةِ عِنْدَ الْإِفَاضَةِ) أَيْ مِنْ عَرَفَةَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوِيدٍ) هُوَ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ لَكِنْ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فِي حَدِيثِهِ مَنَاكِيرُ. انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَالرَّاوِي عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوِيدٍ مَدَنِيٌّ أَيْضًا وَاسْمُ جَدِّهِ حِبَّانُ، وَوَهِمَ الْأَصِيلِيُّ فَسَمَّاهُ مَوْلًى حَكَاهُ الْجَيَّانِيُّ وَخَطَّؤُوهُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (مَوْلَى الْمُطَّلِبِ) أَيِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ.

قَوْلُهُ: (مَوْلَى وَالِبَةَ) بِكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ: بَطْنٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ يَوْمَ عَرَفَةَ) أَيْ مِنْ عَرَفَةَ.

قَوْلُهُ: (زَجْرًا) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا رَاءٌ أَيْ صِيَاحًا لِحَثِّ الْإِبِلِ.

قَوْلُهُ: (وَضَرْبًا) زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَصَوْتًا وَكَأَنَّهَا تَصْحِيفٌ مِنْ قَوْلِهِ وَضَرْبًا فَظُنَّتْ مَعْطُوفَةً.

قَوْلُهُ: (عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ) أَيْ فِي السَّيْرِ وَالْمُرَادُ السَّيْرُ بِالرِّفْقِ وَعَدَمُ الْمُزَاحَمَةِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ) أَيِ السَّيْرِ السَّرِيعِ وَيُقَالُ هُوَ سَيْرٌ مِثْلُ الْخَبَبِ فَبَيَّنَ أَنَّ تَكَلُّفَ الْإِسْرَاعِ فِي السَّيْرِ لَيْسَ مِنَ الْبِرَّ أَيْ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ، وَمِنْ هَذَا أَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَوْلَهُ لَمَّا خَطَبَ بِعَرَفَةَ لَيْسَ السَّابِقُ مَنْ سَبَقَ بَعِيرُهُ وَفَرَسُهُ وَلَكِنَّ السَّابِقَ مَنْ غُفِرَ لَهُ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: إِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنِ الْإِسْرَاعِ إِبْقَاءً عَلَيْهِمْ لِئَلَّا يُجْحِفُوا بِأَنْفُسِهِمْ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْضَعُوا أَسْرَعُوا) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ.

قَوْلُهُ: ﴿خِلالَكُمْ﴾ مِنَ التَّخَلُّلِ بَيْنَكُمْ) هُوَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَلَفْظُهُ وَلَأَوْضَعُوا أَيْ لَأَسْرَعُوا، خِلَالَكُمْ أَيْ بَيْنَكُمْ وَأَصْلُهُ مِنَ التَّخَلُّلِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْمَعْنَى وَلِيَسْعَوْا بَيْنَكُمْ بِالنَّمِيمَةِ، يُقَالُ أَوْضَعَ الْبَعِيرَ أَسْرَعَهُ وَخَصَّ الرَّاكِبَ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ مِنَ الْمَاشِي، وَقَوْلُهُ: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا﴾ بَيْنَهُمَا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَلَفْظُهُ: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا﴾ أَيْ وَسَطَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا التَّفْسِيرَ لِمُنَاسَبَةِ أَوْضَعُوا لِلَفْظِ الْإِيضَاعِ وَلَمَّا كَانَ مُتَعَلِّقُ أَوْضَعُوا الْخِلَالَ ذَكَرَ تَفْسِيرَهُ تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ.