زَيْدٍ، عَنْ خَلِيفَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا فَذَكَرَ نَحْوَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَكِنْ قَالَ فِيهَا: قَالَ سُلَيْمَانُ: إِنَّ الْحَرْثَ لَا يَخْفَى عَلَى صَاحِبِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كُلَّ عَامٍ، فَلَهُ مِنْ صَاحِبِ الْغَنَمِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَوْلَادِهَا وَصُوفِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَ حَرْثِهِ، فَقَالَ دَاوُدُ: قَدْ أَصَبْتَ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ نَحْوَ الْأَوَّلِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: قِيلَ: عَلِمَ سُلَيْمَانُ أَنَّ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَتِ الْغَنَمُ مِثْلُ مَا يَصِيرُ إِلَيْهِمْ مِنْ لَبَنِهَا وَصُوفِهَا.
وَقَالَ أَيْضًا: وَرَدَ فِي قِصَّةِ نَاقَةِ الْبَرَاءِ الَّتِي أَفْسَدَتْ فِي حَائِطٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَضَى أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ، وَإنَّ الَّذِي أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَمَانُهُ عَلَى أَهْلِهَا أَيْ ضَمَانُ قِيمَتِهِ، هَذَا خِلَافُ شَرْعِ سُلَيْمَانَ قَالَ: فَلَوْ تَرَاضَيَا بِالدَّفْعِ عَنْ قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَعْرِفَا الْقِيمَةَ قُلْتُ: وَرِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ إِنْ كَانَتْ مَحْفُوظَةً تَرْفَعُ الْإِشْكَالَ، وَإِلَّا فَالْجَوَابُ مَا نَقَلَ ابْنُ التِّينِ أَوَّلًا، وَلَا يَكُونُ بَيْنَ الشَّرْعَيْنِ مُخَالَفَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُزَاحِمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الزَّايِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ (ابْنُ زُفَرَ) بِزَايٍ وَفَاءٍ وَزْنُ عُمَرَ، هُوَ الْكُوفِيُّ، وَيُقَالُ مُزَاحِمُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ ثِقَةٌ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ) أَيِ الْخَلِيفَةُ الْمَشْهُورُ الْعَادِلُ.
قَوْلُهُ: خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ الْقَاضِي مِنْهُنَّ خُطَّةً بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ عَنْ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَلَهُ عَنْهُ خَصْلَةً بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ وَهُمَا بِمَعْنًى.
قَوْلُهُ: (وَصْمَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ عَيْبًا.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَكُونَ) تَفْسِيرٌ لِحَالِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (فَهِمًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ، وَيَجُوزُ تَسْكِينُ الْهَاءِ أَيْضًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي فَقِيهًا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ خَصْلَةَ الْفِقْهِ دَاخِلَةٌ فِي خَصْلَةِ الْعِلْمِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (حَلِيمًا) أَيْ يُغْضِي عَلَى مَنْ يُؤْذِيهِ وَلَا يُبَادِرُ إِلَى الِانْتِقَامِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ صَلِيبًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالثَّانِي فِي حَقِّ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (عَفِيفًا) أَيْ يَعِفُّ عَنِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ عَالِمًا وَلَمْ يَكُنْ عَفِيفًا كَانَ ضَرَرُهُ أَشَدَّ مِنْ ضَرَرِ الْجَاهِلِ. قَوْلُهُ (صَلِيبًا) بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ مِنَ الصَّلَابَةِ بِوَزْنِ عَظِيمٍ، أَيْ قَوِيًّا شَدِيدًا يَقِفُ عِنْدَ الْحَقِّ وَلَا يَمِيلُ مَعَ الْهَوَى، وَيَسْتَخْلِصُ حَقَّ الْمُحِقِّ مِنَ الْمُبْطِلِ وَلَا يُحَابِيهِ.
قَوْلُهُ (عَالِمًا سَئُولًا عَنِ الْعِلْمِ) هِيَ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ يَكُونُ مَعَ مَا يَسْتَحْضِرُهُ مِنَ الْعِلْمِ مُذَاكِرًا لَهُ غَيْرُهُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِمَّا عِنْدَهُ. وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي السُّنَنِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ عَفَّانَ كِلَاهُمَا قَالَ حَدَّثَنَا مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي خِلَافَتِهِ وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَسَأَلَنَا عَنْ بِلَادِنَا وَقَاضِينَا وَأَمْرِهِ، وَقَالَ: خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِلَفْظٍ آخَرَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ هُوَ أَحْمَدُ الزُّبَيْرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ هُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ: عَفِيفٌ، حَلِيمٌ، عَالِمٌ بِمَا كَانَ قَبْلَهُ، يَسْتَشِيرُ ذَوِي الرَّأْيِ، لَا يُبَالِي بِمَلَامَةِ النَّاسِ وَجَاءَ فِي اسْتِحْبَابِ الِاسْتِشَارَةِ آثَارٌ جِيَادٌ. وَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالْوَثِيقَةِ مِنَ الْقَضَاءِ فَلْيَأْخُذْ بِقَضَاءِ عُمَرَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَسْتَشِيرُ.
١٧ - بَاب رِزْقِ الْحَاكِمِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا. وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَأْكُلُ الْوَصِيُّ بِقَدْرِ عمَالَتِهِ، وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ