ذَلِكَ، أَوْ لِأَنَّ حَاجَتَهُ كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ دُونَ أَبِي بَكْرٍ.
قُلْتُ: وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَا يَكْفِي فِي تَخْصِيصِ السَّلَامِ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ تَقْرِيرِ الشَّرْعِ بِتَعْمِيمِ السَّلَامِ، وَقَدْ سَاقَ مُسْلِمٌ قِصَّةَ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ بِطُولِهَا وَلَفْظُهُ: وجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ هُوَ وَصَاحِبُهُ ثُمَّ صَلَّى فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ السَّلَامِ فَقَالَ: وَعَلَيْكَ وَرَحْمَتُ اللَّهِ، الْحَدِيثَ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ فَأَتَيْتُهُ فَإِنِّي لَأَوَّلُ النَّاسِ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، مَنْ أَنْتَ؟، وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ تَوَجَّهَ بَعْدَ الطَّوَافِ إِلَى مَنْزِلِهِ وَدَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْزِلَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ وَحْدَهُ.
ويُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْبُخَارِيِّ أَيْضًا فِي الْمَبْعَثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فِي قِصَّةِ إِسْلَامِهِ أَنَّهُ قَامَ يَلْتَمِسُ النَّبِيَّ ﷺ وَلَا يَعْرِفُهُ وَيَكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَهُ أَنَّهُ غَرِيبٌ، فَاسْتَتْبَعَهُ حَتَّى دَخَلَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَسْلَمَ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ: لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ، الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مُسْتَوْفًى وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنَ التَّرْجَمَةِ.
١٠ - بَاب آيَةِ الْحِجَابِ
٦٢٣٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قال: كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ مَقْدَمَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ، فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَشْرًا حَيَاتَهُ، وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَقَدْ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِزَيْنَبَ ابنة جَحْشٍ: أَصْبَحَ النَّبِيُّ ﷺ بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا الْقَوْمَ فَأَصَابُوا مِنْ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَطَالُوا الْمُكْثَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ كَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَشَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ رسول الله ﷺ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَتَفَرَّقُوا، فَرَجَعَ النبي ﷺ وَرَجَعْتُ مَعَهُ حَتَّى بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَظَنَّ أَنْ قَدْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَأُنْزِلَ آيَةُ الْحِجَابِ، فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا.
٦٢٣٩ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ أَبِي:، حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ زَيْنَبَ دَخَلَ الْقَوْمُ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مِنْ الْقَوْمِ، وَقَعَدَ بَقِيَّةُ الْقَوْمِ، وَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِذَا الْقَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَانْطَلَقُوا، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ فَأَلْقَى الْحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الْآيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute