للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْإِجَابَةُ فَتَارَةً تَقَعُ بِعَيْنِ مَا دَعَا بِهِ وَتَارَةً بِعِوَضِهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَفَعَهُ: مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا لَهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ وَلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ؛ إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعَوْتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

وَهَذَا شَرْطٌ ثَانٍ لِلْإِجَابَةِ، وَلَهَا شُرُوطٌ أُخْرَى مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ طَيِّبُ الْمَطْعَمِ، وَالْمَلْبَسِ، لِحَدِيثِ: فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ وَسَيَأْتِي بَعْدَ عِشْرِينَ بَابًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْهَا أَلَّا يَكُونَ يَسْتَعْجِلُ لِحَدِيثِ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَقُلْ دَعَوْتُ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ.

١ - بَاب لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ

٦٣٠٤ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ يَدْعُو بِهَا، وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْآخِرَةِ.

[الحديث ٦٣٠٤ - طرفه في: ٧٤٧٤]

٦٣٠٥ - وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: قَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: لكُلُّ نَبِيٍّ سَأَلَ سُؤْلًا، أَوْ قَالَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَوْلُهُ (بَاب لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابُ لِغَيْرِهِ، فَصَارَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرْجَمَةِ الْأُولَى، وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْآيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الدُّعَاءِ لَا يُسْتَجَابُ عَيْنًا.

قَوْلُهُ: إِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ.

قَوْلُهُ (مُسْتَجَابَة) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلَمْ أَرَهَا عِنْدَ الْبَاقِينَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْمُوَطَّأِ

قَوْلُهُ يَدْعُو بِهَا) زَادَ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيُعَجِّلُ كُلُّ نَبِيٍّ دَعَوْتَهُ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ فَاسْتُجِيبَ لَهُ

قَوْلُهُ وَأُرِيدُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي فِي الْآخِرَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِئَ وَزِيَادَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي هَذَا لِلتَّبَرُّكِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي وَزَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزَادَ أَبُو صَالِحٍ فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا.

وَقَوْلُهُ: مَنْ مَاتَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ولَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ وَالتَّقْدِيرُ شَفَاعَتِي نَائِلَةٌ مَنْ مَاتَ غَيْرَ مُشْرِكٍ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَهَا ثُمَّ عَزَمَ فَفَعَلَ وَرَجَا وُقُوعَ ذَلِكَ فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ فَجَزَمَ بِهِ وَسَيَأْتِي تَتِمَّةُ الْكَلَامِ عَلَى الشَّفَاعَةِ وَأَنْوَاعِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرِّقَاقِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَدِ اسْتَشْكَلَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ بِمَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمُجَابَةِ، وَلَا سِيَّمَا نَبِيُّنَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً فَقَطْ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِجَابَةِ فِي الدَّعْوَةِ الْمَذْكُورَةِ الْقَطْعُ بِهَا وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ دَعَوَاتِهِمْ، فَهُوَ عَلَى رَجَاءِ الْإِجَابَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ أَيْ أَفْضَلُ دَعَوَاتِهِ وَلَهُمْ دَعَوَاتٌ أُخْرَى وَقِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ عَامَّةٌ مُسْتَجَابَةٌ فِي أُمَّتِهِ إِمَّا بِإِهْلَاكِهِمْ، وَإِمَّا بِنَجَاتِهِمْ وَأَمَّا الدَّعَوَاتُ الْخَاصَّةُ، فَمِنْهَا