وَلِهَذَا ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُمَا مُعَلَّقَانِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الْفَوَائِدِ اسْتِحْبَابُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَعِيَادَةِ الْفَاضِلِ لِلْمَفْضُولِ، وَالْإِمَامِ أَتْبَاعَهُ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَبَيَانُ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ.
٤٥ - بَاب مَا يُنْهَى مِنْ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ
١٣٠٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ - وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ الْبَابِ - فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ - وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ - فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ. فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي - أَوْ غَلَبْنَنَا، الشَّكُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ - فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ. فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ؛ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْعَنَاءِ.
١٣٠٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ﵂ قَالَتْ: أَخَذَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ عِنْدَ الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ، فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ الْعَلَاءِ، وَابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ ابْنَةِ أَبِي سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَةٍ أُخْرَى.
[الحديث ١٣٠٦ - طرفاه في: ٤٨٩٢، ٧٢١٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: عَطَفَ الزَّجْرَ عَلَى النَّهْيِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى الْمُؤَاخَذَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ: فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ) بِمُهْمَلَةٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَزْنُ جَعْفَرٍ، ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ نَزَلَ الْكُوفَةَ، ذَكَرَ الْأَصِيلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ رَوَى عَنْهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ وَارَةَ الرَّازِيُّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ) هُوَ الْحَجَبِيُّ، وَحَمَّادٌ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ. وَقَدْ رَوَاهُ عَارِمٌ، عَنْ حَمَّادٍ فَقَالَ: عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ بَدَلَ مُحَمَّدٍ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَلَهُ أَصْلٌ عَنْ حَفْصَةَ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ عَنْهَا، فَكَأَنَّ حَمَّادًا سَمِعَهُ مِنْ أَيُّوبَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ الْبَيْعَةِ) أَيْ لَمَّا بَايَعَهُنَّ عَلَى الْإِسْلَامِ.
قَوْلُهُ: (فَمَا وَفَتْ) أَيْ بِتَرْكِ النَّوْحِ. وَأُمُّ سُلَيْمٍ هِيَ بِنْتُ مِلْحَانَ وَالِدَةُ أَنَسٍ، وَأُمُّ الْعَلَاءِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي ثَالِثِ بَابٍ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ، وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوِ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ، فَهُوَ شَكٌّ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ: هَلِ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ هِيَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ أَوْ غَيْرُهَا، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ بِالشَّكِّ أَيْضًا، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الرِّوَايَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ أَصَحُّ، لِأَنَّ امْرَأَةَ مُعَاذٍ، وَهُوَ ابْنُ جَبَلٍ، هِيَ أُمُّ عَمْرِو بِنْتِ خَلَّادِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيَّةُ، ذَكَرَهَا ابْنُ سَعْدٍ، فَعَلَى هَذَا فَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ غَيْرُهَا. وَوَقَعَ فِي الدَّلَائِلِ