للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصَّحَابَةِ قَدْ نُقِلَ عَنْهُمُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الِافْتِرَاقَ بِالْأَبْدَانِ.

قَوْلُهُ: (سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودَ بِثَلَاثِ لَيَالٍ) أَيْ: زِدْتُ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْضِهِ الَّتِي صَارَتْ إِلَيْهِ عَلَى الْمَسَافَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْضِهِ الَّتِي بَاعَهَا بِثَلَاثِ لَيَالٍ.

قَوْلُهُ: (وَسَاقَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ) يَعْنِي: أَنَّهُ نَقَصَ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَ أَرْضِي الَّتِي أَخَذَ بِهَا عَنِ الْمَسَافَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَرْضِي الَّتِي بِعْتُهَا بِثَلَاثِ لَيَالٍ، وَإِنَّمَا قَالَ: إِلَى الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا كَانَا بِهَا فَرَأَى ابْنُ عُمَرَ الْغِبْطَةَ فِي الْقُرْبِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَلِذَلِكَ قَالَ: رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ غَبَنْتُهُ وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ جَوَازُ بَيْعِ الْعَيْنِ الْغَائِبَةِ عَلَى الصِّفَةِ، وَسَيَأْتِي نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهَا فِي بَابِ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ، وَجَوَازُ التَّحَيُّلِ فِي إِبْطَالِ الْخِيَارِ، وَتَقْدِيمُ الْمَرْءِ مَصْلَحَةَ نَفْسِهِ عَلَى مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ، وَفِيهِ جَوَازُ بَيْعِ الْأَرْضِ بِالْأَرْضِ، وَفِيهِ أَنَّ الْغَبْنَ لَا يُرَدُّ بِهِ الْبَيْعُ.

٤٨ - بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ

٢١١٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ.

[الحديث ٢١١٧ - أطرافه في: ٢٤٠٧، ٢٤١٤، ٦٩٦]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْخِدَاعِ فِي الْبَيْعِ) كَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى أَنَّ الْخِدَاعَ فِي الْبَيْعِ مَكْرُوهٌ، وَلَكِنَّهُ لَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ، إِلَّا إِنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ عَلَى مَا تُشْعِرُ بِهِ الْقِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا) فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ زَادَ ابْنُ الْجَارُودِ فِي الْمُنْتَقَى مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ حَبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِهِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ قَالَ: هُوَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ.

قَوْلُهُ: (ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَشَكَا إِلَى النَّبِيِّ مَا يَلْقَى مِنَ الْغَبْنِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ) بَيَّنَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ سَبَبَ شَكْوَاهُ وَهُوَ مَا يَلْقَى مِنَ الْغَبْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: إِنَّ رَجُلًا كَانَ يُبَايِعُ، وَكَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ.

قَوْلُهُ: (لَا خِلَابَةَ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ: لَا خَد يعَةَ وَلَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ: لَا خَدِيعَةَ فِي الدِّينِ؛ لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ الْأَعْلَى عَنْهُ ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ، وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْ فَبَقِيَ حَتَّى أَدْرَكَ زَمَانَ عُثْمَانَ وَهُوَ ابْنُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَكَثُرَ النَّاسُ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، وَكَانَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ غُبِنْتَ فِيهِ. رَجَعَ بِهِ، فَيَشْهَدُ لَهُ الرَّجُلُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ قَدْ جَعَلَهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا، فَيَرُدُّ لَهُ دَرَاهِمَهُ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَقَّنَهُ النَّبِيُّ هَذَا الْقَوْلَ لِيُتَلَفَّظَ بِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ، فَيُطْلِعُ بِهِ صَاحِبَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْبَصَائِرِ فِي مَعْرِفَةِ السِّلَعِ وَمَقَادِيرِ الْقِيمَةِ، فَيَرَى لَهُ كَمَا يَرَى لِنَفْسِهِ، لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حَضِّ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى أَدَاءِ النَّصِيحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بِوَرِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا الْحَدِيثَ.

وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَحْمَدَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُرَدُّ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ لِضَعْفِ عَقْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ يُمْلَكُ بِهِ الْفَسْخُ لَمَا احْتَاجَ إِلَى شَرْطِ الْخِيَارِ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخَدِيعَةَ فِي قِصَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَانَتْ فِي الْعَيْبِ، أَوْ فِي