الْفَسَادِ بِالْبَوْلِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
بَالَ سُهَيْلٌ فِي الْفَضِيخِ فَفَسَدَ
وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ طُلُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ إِفْسَادِ الْفَضِيخِ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْبَوْلِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَحْمَدَ: قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ بَوْلَهُ وَاللَّهِ لَثَقِيلٌ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: حَسْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْخَيْبَةِ وَالشَّرِّ أَنْ يَنَامَ حَتَّى يُصْبِحَ وَقَدْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ. وَهُوَ مَوْقُوفٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: خَصَّ الْأُذُنَ بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ أَنْسَبَ بِالنَّوْمِ إِشَارَةً إِلَى ثِقَلِ النَّوْمِ، فَإِنَّ الْمَسَامِعَ هِيَ مَوَارِدُ الِانْتِبَاهِ، وَخَصَّ الْبَوْلَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مَدْخَلًا فِي التَّجَاوِيفِ، وَأَسْرَعُ نُفُوذًا فِي الْعُرُوقِ، فَيُورِثُ الْكَسَلَ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ.
١٤ - بَاب الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ
وَقَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ أَيْ: مَا يَنَامُونَ ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾
١١٤٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا ﵎ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟.
[الحديث ١١٤٥ - طرفاه في: ٧٤٩٤، ٦٣٢١]
قَوْلُهُ: (بَابُ الدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ: الدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّهُ ﷿ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ: وَقَوْلُ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (مَا يَهْجَعُونَ). زَادَ الْأَصِيلِيُّ: أَيْ: يَنَامُونَ. وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ عَنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي ذَلِكَ، فَنُقِلَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ، وَالْأَحْنَفِ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَنُقِلَ عَنْ قَتَادَةَ، وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَعْنَاهُ: كَانُوا لَا يَنَامُونَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ لَا يَتَهَجَّدُونَ. وَمِنْ طَرِيقِ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَعْنَاهُ؛ لَمْ تَكُنْ تَمْضِي عَلَيْهِمْ لَيْلَةٌ إِلَّا يَأْخُذُونَ مِنْهَا وَلَوْ شَيْئًا، ثُمَّ ذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ، وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِذَلِكَ مَادِحًا لَهُمْ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ. قَالَ ابْنُ التِّينِ: وَعَلَى هَذَا تَكُونُ مَا زَائِدَةً، أَوْ مَصْدَرِيَّةً، وَهُوَ أَبْيَنُ الْأَقْوَالِ، وَأَقْعَدُهَا بِكَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَعَلَى الْآخَرِ تَكُونُ مَا نَافِيَةً، وَقَالَ الْخَلِيلُ: هَجَعَ يَهْجَعُ هُجُوعًا، وَهُوَ النَّوْمُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النُّزُولِ مِنْ طَرِيقِ الْأَغَرِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي سَلَمَةَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ، فَرَوَاهُ عَنْهُ مَالِكٌ، وَحُفَّاظُ أَصْحَابِهِ كَمَا هُنَا، وَاقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَلَى أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَنْهُ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ بَدَلَهُمَا. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: الْأَعْرَجُ بَدَلَ الْأَغَرِّ، فَصَحَّفَهُ.
وَقِيلَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ بَدَلَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَهُوَ وَهَمٌ، وَالْأَغَرُّ الْمَذْكُورُ لَقَبٌ، وَاسْمُهُ سَلْمَانُ، وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مَدَنِيٌّ، وَلَهُمْ رَاوٍ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: الْأَغَرُّ أَيْضًا، لَكِنَّهُ اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُسْلِمٍ، وَهُوَ كُوفِيٌّ. وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقِهِ أَيْضًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ جَمِيعًا مَرْفُوعًا، وَغَلِطَ مَنْ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا. وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ مُرْجَانَةَ، وَأَبُو صَالِحٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَسَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، وَعَطَاءٌ مَوْلَى أُمِّ صُبْيَةَ بِالْمُهْمَلَةِ مُصَغَّرًا، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ، وَنَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ كُلُّهُمْ عِنْدَ النَّسَائِيِّ. وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute