للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٢٧٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنْ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ - أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنْ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا - وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ) أَيِ اقْتُصِرَ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِدَفْنِهِ ارْتِقَابُ شَيْءٍ آخَرَ.

وفي قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي. دَلَالَةٌ عَلَى تَوَاضُعِهِ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ فَضْلِ مَنْ قُتِلَ فِي الْمَشَاهِدِ الْفَاضِلَةِ مَعَ النَّبِيِّ ، وَزَادَ فِي هَذَهِ الطَّرِيقِ: إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ حَمْزَةَ أَيْضًا كُفِّنَ كَذَلِكَ.

٢٧ - باب إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إِلَّا مَا يُوَارِي رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْهِ غَطَّى رَأْسَهُ

١٢٧٦ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، حَدَّثَنَا خَبَّابٌ قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا؛ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ إِلَّا بُرْدَةً إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنْ الْإِذْخِرِ.

[الحديث ١٢٧٦ - أطرافه في: ٣٨٩٧، ٣٩١٤، ٤٠٤٧، ٤٠٨٢، ٦٤٣٢، ٦٤٤٨]

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا لَمْ يَجِدْ كَفَنًا إِلَّا مَا يُوَارِي رَأْسَهُ أَوْ قَدَمَيْهِ)؛ أَيْ رَأْسَهُ مَعَ بَقِيَّةِ جَسَدِهِ إِلَّا قَدَمَيْهِ أَوِ الْعَكْسُ، كَأَنَّهُ قَالَ: مَا يُوَارِي جَسَدَهُ إِلَّا رَأْسَهُ، أَوْ جَسَدَهُ إِلَّا قَدَمَيْهِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ: خَرَجَتْ رِجْلَاهُ. وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُغَطِّي رَأْسَهُ فَقَطْ دُونَ سَائِرِ جَسَدِهِ لَكَانَ تَغْطِيَةُ الْعَوْرَةِ أَوْلَى. وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ سَاتِرٌ الْبَتَّةَ أَنَّهُ يُغَطِّي جَمِيعَهُ بالِإِذْخِرِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَبِمَا تَيَسَّرَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَوْلُ الْعَبَّاسِ: إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لبُيُوتِنَا وَقُبُورنَا. فَكَأَنَّهَا كَانَتْ عَادَةً لَهُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْقُبُورِ. قَالَ الْمُهَلَّبُ: وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ لَهُمُ النَّبِيُّ التَّكْفِينَ فِي تِلْكَ الثِّيَابِ الَّتِي لَيْسَتْ سَابِغَةً؛ لِأَنَّهُمْ قُتِلُوا فِيهَا. انْتَهَى.

وَفِي هَذَا الْجَزْمِ نَظَرٌ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُمْ غَيْرَهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّرْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَقِيقٌ) هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ، وَخَبَّابٌ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَتَيْنِ، الْأُولَى مُثَقَّلَةٌ، هُوَ ابْنُ الْأَرَتِّ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا)؛ كِنَايَةٌ عَنِ الْغَنَائِمِ الَّتِي تَنَاوَلَهَا مَنْ أَدْرَكَ زَمَنَ الْفُتُوحِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْرِ ثَمَرَتُهُ، فَلَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى أَجْرِ الْآخِرَةِ.

قَوْلُهُ: (أَيْنَعَتْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَفَتْحِ النُّونِ؛ أَيْ نَضِجَتْ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ يَهْدِبُهَا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ؛ أَيْ يَجْتَنِبهَا، وَضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ تَثْلِيثَهَا.

قَوْلُهُ: (مَا نُكَفِّنُهُ بِهِ) سَقَطَ لَفْظُ بِهِ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ،