للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ كَذَّبُوهُ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ يَضْطَرِبُ فِيهَا، فَتَارَةً يَقُولُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَتَارَةً يَقُولُ امْرَأَةُ زَيْدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّسَبِ فِي أَوْلَادِ زَيْدٍ مَنْ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سَعْدٍ، وَأَمَّا عَمَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ ابْنُ الْحَذَّاءِ: هِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ حَزْمٍ عَمَّةُ جَدِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَقِيلَ لَهَا عَمَّتُهُ مَجَازًا. قُلْتُ: لَكِنَّهَا صَحَابِيَّةٌ قَدِيمَةٌ رَوَى عَنْهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ، فَفِي رِوَايَتِهَا عَنْ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بُعْدٌ، فَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهَا مُنْقَطِعَةٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُرَادَةُ عَمَّتَهُ الْحَقِيقِيَّةَ وَهِيَ أُمُّ عَمْرٍو أَوْ أُمُّ كُلْثُومٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (يَدْعُونَ) أَيْ يَطْلُبْنَ. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَدْعِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا فِي بَابِ تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: دَعَيْتُ لُغَةً فِي دَعَوْتُ، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَلَا الْمَطَالِعِ.

قَوْلُهُ: (إِلَى الطُّهْرِ) أَيْ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الطُّهْرِ وَاللَّامِ فِي قَوْلِهَا مَا كَانَ النِّسَاءُ لِلْعَهْدِ أَيْ نِسَاءُ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا عَابَتْ عَلَيْهِنَّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الْحَرَجَ وَالتَّنَطُّعَ وَهُوَ مَذْمُومٌ، قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ لِكَوْنِ ذَلِكَ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ جَوْفُ اللَّيْلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ وَقْتُ الْعِشَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ لِكَوْنِ اللَّيْلِ لَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْبَيَاضُ الْخَالِصُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَحْسِبْنَ أَنَّهُنَّ طَهُرْنَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُصَلِّينَ قَبْلَ الطُّهْرِ.

وحَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَسُفْيَانُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ; لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُسْنَدِيُّ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الثَّوْرِيِّ.

٢٠ - بَاب لَا تَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ

وَقَالَ جَابِرُ، وَأَبُو سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ Object تَدَعُ الصَّلَاةَ

٣٢١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلَاتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ، كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ Object فَلَا يَأْمُرُنَا بِهِ، أَوْ قَالَتْ: فَلَا نَفْعَلُهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ لَا تَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلَاةَ) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ إِجْمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوجِبُونَهُ، وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِ فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سَلَمَةَ، لَكِنِ اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو سَعِيدٍ) هَذَا التَّعْلِيقُ عَنْ هَذَيْنِ الصَّحَابِيَّيْنِ ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَعْنَى، فَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ حَيْضِ عَائِشَةَ فِي الْحَجِّ وَفِيهِ غَيْرَ أَنَّهَا لَا تَطُوفُ وَلَا تُصَلِّي، وَلِمُسْلِمٍ نَحْوُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَشَارَ بِهِ إِلَى حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ وَفِيهِ أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟. فَإِنْ قِيلَ: التَّرْجَمَةُ لِعَدَمِ الْقَضَاءِ، وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ لِعَدَمِ الْإِيقَاعِ، فَمَا وَجْهُ الْمُطَابَقَةِ؟ أَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ التَّرْكَ فِي قَوْلِهِ تَدَعُ الصَّلَاةَ مُطْلَقُ أَدَاءٍ وَقَضَاءٍ. انْتَهَى. وَهُوَ غَيْرُ مُتَّجَهٍ ; لِأَنَّ مَنْعَهَا إِنَّمَا هُوَ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ فَقَطْ، وَقَدْ وَضَحَ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثَيْنِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى التَّرْكِ أَوَّلًا بِالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، فَجَعَلَ الْمُعَلَّقُ كَالْمُقَدِّمَةِ لِلْحَدِيثِ الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ مُطَابِقٌ لِلتَّرْجَمَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ) هِيَ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَدَوِيَّةُ، وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ، وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهَا بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ) كَذَا أَبْهَمَهَا هَمَّامٌ، وَبَيَّنَ شُعْبَةُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهَا هِيَ مُعَاذَةُ الرَّاوِيَةُ. أَخْرَجَهُ