للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَإِحْرَاقِ الْمَيِّتِ بِالنَّارِ مُبَالَغَةً فِي إِهَانَتِهِ وَتَرْهِيبًا عَنِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَدِمَ عَلَى مُعَاذٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ الْيَهُودِيِّ وَفِيهِ: فَقَالَ: لَا أَنْزِلُ عَنْ دَابَّتِي حَتَّى يُقْتَلَ فَقُتِلَ. قَالَ أَحَدُهُمَا: وَكَانَ قَدِ اسْتُتِيبَ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ: أُتِيَ أَبُو مُوسَى بِرَجُلٍ قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ فَدَعَاهُ فَأَبَى عِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، وَجَاءَ مُعَاذٌ فَدَعَاهُ فَأَبَى فَضَرَبَ عُنُقَهُ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ فَلَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِتَابَةَ، وَكَذَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، وَقَالَ الْمَسْعُودِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: فَلَمْ يَنْزِلْ حَتَّى ضَرَبَ عُنُقَهُ وَمَا اسْتَتَابَهُ. وَهَذَا يُعَارِضُهُ الرِّوَايَةُ الْمُثْبِتَةُ لِأَنَّ مُعَاذًا اسْتَتَابَهُ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ هَذِهِ، وَالرِّوَايَاتُ السَّاكِتَةُ عَنْهَا لَا تُعَارِضُهَا، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْجِيحِ رِوَايَةِ الْمَسْعُودِيِّ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ: يُقْتَلُ الْمُرْتَدُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ مُعَاذًا يَكُونُ اكْتَفَى بِمَا تَقَدَّمَ مِنِ اسْتِتَابَةِ أَبِي مُوسَى، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَرِيبًا أَنَّ مُعَاذًا رَوَى الْأَمْرَ بِاسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ) فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: فَقَالَ كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَيْ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَحَدُهُمَا) هُوَ مُعَاذٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى أَقْرَؤُهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي وَأَتَفَوَّقُهُ بِفَاءٍ وَقَافٍ بَيْنَهُمَا وَاوٌ ثَقِيلَةٌ، أَيْ: أُلَازِمُ قِرَاءَتَهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَفِي أُخْرَى: فَقَالَ أبو مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ حَاجَتِي فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي.

قَوْلُهُ: (وَأَرْجُو فِي نَوْمَتِي مَا أَرْجُو فِي قَوْمَتِي) فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ: وَأَحْتَسِبُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْمَغَازِي، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَرْجُو الْأَجْرَ فِي تَرْوِيحِ نَفْسِهِ بِالنَّوْمِ لِيَكُونَ أَنْشَطَ عِنْدَ الْقِيَامِ.

وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرُ م اتَقَدَّمَ: تَوْلِيَةُ أَمِيرَيْنِ عَلَى الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَقِسْمَةُ الْبَلَدِ بَيْنَ أَمِيرَيْنِ، وَفِيهِ كَرَاهَةُ سُؤَالِ الْإِمَارَةِ وَالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَمَنْعُ الْحَرِيصِ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ، وَفِيهِ تَزَاوُرُ الْإِخْوَانِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ، وَالْمُبَادَرَةُ إِلَى إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ، وَإِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمُبَاحَاتِ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا بِالنِّيَّةِ إِذَا صَارَتْ وَسَائِلَ لِلْمَقَاصِدِ الْوَاجِبَةِ أَوِ الْمَنْدُوبَةِ أَوْ تَكْمِيلًا لِشَيْءٍ مِنْهُمَا.

٣ - بَابُ قَتْلِ مَنْ أَبَى قَبُولَ الْفَرَائِضِ وَمَا نُسِبُوا إِلَى الرِّدَّةِ

٦٩٢٤ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ. قَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ.

٦٩٢٥ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.

قَوْلُهُ: (بَابُ قَتْلِ مَنْ أَبَى قَبُولَ الْفَرَائِضِ) أَيْ جَوَازُ قَتْلِ مَنِ امْتَنَعَ مِنِ الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ الْوَاجِبَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا،