للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَى اسْتِعْمَالِ الْبَخُورِ فَإِنَّهُ يُقَالُ فِيهِ: تَجَمَّرَ وَاسْتَجْمَرَ، حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ خِلَافَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ أَيْضًا بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ فَلْيُوتِرْ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ نَفَى وُجُوبَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِلْإِتْيَانِ فِيهِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَوْ بِالْأَحْجَارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

٢٦ - بَاب الِاسْتِجْمَارِ وِتْرًا

١٦٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْثُرْ، وَمَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الِاسْتِجْمَارِ وِتْرًا) اسْتَشْكَلَ إِدْخَالُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي أَثْنَاءِ أَبْوَابِ الْوُضُوءِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِالِاسْتِشْكَالِ، فَإِنَّ أَبْوَابَ الِاسْتِطَابَةِ لَمْ تَتَمَيَّزْ فِي هَذَا الْكِتَابِ عَنْ أَبْوَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ لِتَلَازُمِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّنْ دَوَّنَ الْمُصَنَّفَ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (إِذَا تَوَضَّأَ) أَيْ: إِذَا شَرَعَ فِي الْوُضُوءِ.

قَوْلُهُ: (فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَسَقَطَ قَوْلُهُ مَاءً لِغَيْرِهِ. وَكَذَا اخْتَلَفَ رُوَاةُ الْمُوَطَّأِ فِي إِسْقَاطِهِ وَذِكْرِهِ، وَثَبَتَ ذِكْرُهُ لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ بِوَزْنِ لِيَفْتَعِلْ، وَلِغَيْرِهِمَا ثُمَّ لِيَنْثُرْ بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ بَعْدَ النُّونِ السَّاكِنَةِ، وَالرِّوَايَتَانِ لِأَصْحَابِ الْمُوَطَّأِ أَيْضًا، قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ نَثَرَ الرَّجُلُ وَانْتَثَرَ وَاسْتَنْثَرَ إِذَا حَرَّكَ النَّثْرَةَ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ فِي الطَّهَارَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا اسْتَيْقَظَ) هَكَذَا عَطَفَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاقْتَضَى سِيَاقُهُ أَنَّهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّأِ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ مُوَطَّأِ يَحْيَى رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ مُفَرَّقًا، وَكَذَا هُوَ فِي مُوَطَّأِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا فَرَّقَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَكَذَا أَخْرَجَ مُسْلِمٌ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَالثَّانِي مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وَعَلَى هَذَا فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ كَانَ يَرَى جَوَازَ جَمْعِ الْحَدِيثَيْنِ إِذَا اتَّحَدَ سَنَدُهُمَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ، كَمَا يَرَى جَوَازَ تَفْرِيقِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى حُكْمَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَوْمِهِ) أَخَذَ بِعُمُومِهِ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فَاسْتَحَبُّوهُ عَقِبَ كُلِّ نَوْمٍ، وَخَصَّهُ أَحْمَدُ بِنَوْمِ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ بَاتَتْ يَدُهُ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَبِيتِ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّيْلِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ سَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهَا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ وَكَذَا لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ صَحِيحٍ، وَلِأَبِي عَوَانَةَ فِي رِوَايَةٍ سَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهَا أَيْضًا إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوُضُوءِ حِينَ يُصْبِحُ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي إِلْحَاقَ نَوْمِ النَّهَارِ بِنَوْمِ اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا خُصَّ نَوْمُ اللَّيْلِ بِالذِّكْرِ لِلْغَلَبَةِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْكَرَاهَةُ فِي الْغَمْسِ لِمَنْ نَامَ لَيْلًا أَشَدُّ مِنْهَا لِمَنْ نَامَ نَهَارًا ; لِأَنَّ الِاحْتِمَالَ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ أَقْرَبُ لِطُولِهِ عَادَةً، ثُمَّ الْأَمْرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى النَّدْبِ، وَحَمَلَهُ أَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ فِي نَوْمِ اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةِ اسْتِحْبَابِهِ فِي نَوْمِ النَّهَارِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ غَمَسَ يَدَهُ لَمْ يَضُرَّ الْمَاءَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ، وَدَاوُدُ، وَالطَّبَرِيُّ يَنْجُسُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُمْ بِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ ; لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْقَرِينَةُ