للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَيَصُومُهَا فِي الطَّرِيقِ إِنْ شَاءَ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ.

قَوْلُهُ: (الشَّاةُ تُجْزِي)؛ أَيْ عَنِ الْهَدْيِ، وَهِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَعَتْ بِدُونِ وَاوٍ، وَسَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْهَدْيِ بَيَانُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: فَجَمَعُوا النُّسْكَيْنِ وَهُوَ بِإِسْكَانِ السِّينِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: النُّسْكُ بِالْإِسْكَانِ الْعِبَادَةُ، وَبِالضَّمِّ الذَّبِيحَةُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهُ)؛ أَيِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَخَذَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾

قَوْلُهُ: (وَسَنَّة نَبِيُّهُ)؛ أَيْ شَرَعَهُ حَيْثُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ) بِنَصْبِ غَيْرَ، وَيَجُوزُ كَسْرُهُ، وَذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى التَّمَتُّعِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ بِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا مُتْعَةَ لَهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى حُكْمِ التَّمَتُّعِ وَهُوَ الْفِدْيَةُ، فَلَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِالتَّمَتُّعِ دَمٌ إِذَا أَحْرَمُوا مِنَ الْحِلِّ بِالْعُمْرَةِ، وَأَجَابَ الْكِرْمَانِيُّ بِجَوَابِ لَيْسَ طَائِلًا.

قَوْلُهُ: (الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ)؛ أَيْ بَعْدَ آيَةِ التَّمَتُّعِ، حَيْثُ قَالَ: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِي ذِي الْحِجَّةِ؛ هَلْ هُوَ بِكَمَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ) لَيْسَ لِهَذَا الْقَيْدِ مَفْهُومٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْتَمِرُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يُسَمَّى مُتَمَتِّعًا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَكِّيُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَهُ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: فَمَنْ تَمَتَّعَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْهَا، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّمَتُّعَ إِيقَاعُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَقَطْ، وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَنْ يَجْمَعَ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ بَيْنَهُمَا فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَكِّيًّا، فَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا.

قَوْلُهُ: (وَالْجِدَالُ: الْمِرَاءُ) رَوَى ابْنُ أَبِي نُسَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ؛ تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِمْ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَوْلُهُ: وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ قَالَ: قَدِ اسْتَقَامَ أَمْرُ الْحَجِّ. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَدْ صَارَ الْحَجُّ فِي ذِي الْحِجَّةِ لَا شَهْرٌ يُنْسَأُ وَلَا شَكَّ فِي الْحَجِّ، لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَحُجُّونَ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ.

٣٨ - بَاب الِاغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ

١٥٧٣ - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا دَخَلَ أَدْنَى الْحَرَمِ أَمْسَكَ عَنْ التَّلْبِيَةِ، ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طِوًى، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِ الصُّبْحَ وَيَغْتَسِلُ، وَيُحَدِّثُ أَنَّ النَبِيَّ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ الِاغْتِسَالِ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الِاغْتِسَالُ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ، وَلَيْسَ فِي تَرْكِهِ عِنْدَهُمْ فِدْيَةٌ. وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: يُجْزِئُ مِنْهُ الْوُضُوءُ. وَفِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ إِلَّا مِنَ احْتِلَامٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ غُسْلَهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ كَانَ لِجَسَدِهِ دُونَ رَأْسِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ عَجَزَ عَنِ الْغُسْلِ تَيَمَّمَ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: لَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا الْغُسْلَ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ لِلطَّوَافِ، وَالْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَبِيتُ بِذِي طُوًى) بِضَمِّ الطَّاءِ وَبِفَتْحِهَا.

قَوْلُهُ: (وَيَغْتَسِلُ)؛ أَيْ بِهِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِهِ إِلَى الْفِعْلِ الْأَخِيرِ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَهُوَ مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا إِلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ ذِكْرُ الْمَبِيتِ فَقَطْ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي