شُهَدَاءِ أُحُدٍ كَمَا مَضَى فِي الْجَنَائِزِ، وَذَلِكَ هُوَ الْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى تَفْسِيرِهِ هُنَا بِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٩ - بَاب إِذَا قَاصَّ، أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ
٢٣٩٦ - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنْ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِيَشْفَعَ لَهُ إِلَيْهِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ تَمْرَ نَخْلِهِ بِالَّتِي لَهُ فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّخْلَ فَمَشَى فِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِجَابِرٍ: جُدَّ لَهُ فَأَوْفِ لَهُ الَّذِي لَهُ، فَجَدَّهُ بَعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأَوْفَاهُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي كَانَ فَوَجَدَهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ، فَقَالَ: أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حِينَ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيُبَارَكَنَّ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا قَاصَّ أَوْ جَازَفَهُ فِي الدَّيْنِ) أَيْ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ (تَمْرًا بِتَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ الْمُهَلَّبُ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يَأْخُذَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ تَمْرٌ مِنْ غَرِيمِهِ تَمْرًا مُجَازَفَةً بِدَيْنِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالْغَرَرِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مُجَازَفَةً فِي حَقِّهِ أَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ إِذَا عَلِمَ الْآخِذُ ذَلِكَ وَرَضِيَ اهـ. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضَ عَلَى تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ، وَمُرَادُ الْبُخَارِيِّ مَا أَثْبَتَهُ الْمُعْتَرِضُ لَا مَا نَفَاهُ، وَغَرَضُهُ بَيَانُ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْقَضَاءِ مِنَ الْمُعَاوَضَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ ابْتِدَاءً لِأَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْعَرَايَا، وَيَجُوزُ فِي الْمُعَاوَضَةِ عِنْدَ الْوَفَاءِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ الْبَابِ، فَإِنَّهُ ﷺ سَأَلَ الْغَرِيمَ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرَ الْحَائِطِ وَهُوَ مَجْهُولُ الْقَدْرِ فِي الْأَوْسَاقِ الَّتِي هِيَ لَهُ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ، وَكَانَ تَمْرُ الْحَائِطِ دُونَ الَّذِي لَهُ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ فَأَبَوْا وَلَمْ يَرَوْا أَنَّ فِيهِ وَفَاءً وَقَدْ أَخَذَ الدِّمْيَاطِيُّ كَلَامَ الْمُهَلَّبِ فَاعْتَرَضَ بِهِ فَقَالَ: هَذَا لَا يَصِحُّ. ثُمَّ اعْتَلَّ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الْمُهَلَّبُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِنَحْوِ مَا أَجَبْتُ بِهِ فَقَالَ: بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مُزَابَنَةٌ فَإِنْ كَانَ تَمْرًا نَحْوَهُ فَمُزَابَنَةٌ وَرِبًا، لَكِنِ اغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الْوَفَاءِ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ مُتَحَقَّقٌ فِي الْعُرْفِ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مُزَابَنَةً، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِهِ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ حَدَّثَنَا أَنَسٌ هُوَ ابْنُ عِيَاضٍ أَبُو ضَمْرَةَ وَهِشَامٌ هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ، وَوَهْبٌ هُوَ ابْنُ كَيْسَانَ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ.
١٠ - بَاب مَنْ اسْتَعَاذَ مِنْ الدَّيْنِ
٢٣٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ح
وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ الْمَغْرَمِ؟ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute