تُمْسِكُونَ وَأَخْرَجَهُ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي فَوَائِدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ: نَزَلْنَا حِمْصَ قَافِلِينَ مِنَ الرُّومِ فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَي زَكَرِيَّا، وَمَكْحُولٌ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى أَبِي أُمَامَةَ فَإِذَا شَيْخٌ هَرِمٌ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ إِذَا رَجُلٌ يَبْلُغُ حَاجَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَأَنْتُمْ تُبَلِّغُونَ عَنَّا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى سُيُوفِنَا فَإِذَا فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْفِضَّةِ فَغَضِبَ حَتَّى اشْتَدَّ غَضَبُهُ.
قَوْلُهُ: (الْعَلَابِيَّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ عَلْبَاءَ بِسُكُونِ اللَّامِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَقَالَ: الْعَلَابِيُّ الْجُلُودُ الْخَامُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَدْبُوغَةٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْعَلَابِيُّ الْعَصَبُ تُؤْخَذُ رَطْبَةً فَيُشَدُّ بِهَا جُفُونُ السُّيُوفِ وَتُلْوَى عَلَيْهَا فَتَجِفُّ، وَكَذَلِكَ تُلَوَى رَطْبَةً عَلَى مَا يُصْدَعُ مِنَ الرِّمَاحِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: هِيَ عَصَبُ الْعُنُقِ، وَهِيَ أَمْتَنُ مَا يَكُونُ مِنْ عَصَبِ الْبَعِيرِ. وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْعَلَابِيَّ ضَرْبٌ مِنَ الرَّصَاصِ فَأَخْطَأَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَزَّازُ فِي شَرْحِ غَرِيبِ الْجَامِعِ وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَآهُ قُرِنَ بِالْآنُكِ ظَنَّهُ ضَرْبًا مِنْهُ، وَزَادَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ: وَالْحَدِيدَ وَزَادَ فِيهِ أَشْيَاءَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْجِهَادِ. وَالْآنُكُ بِالْمَدِّ وَضَمِّ النُّونِ بَعْدَهَا كَافٌ وَهُوَ الرَّصَاصُ، وَهُوَ وَاحِدٌ لَا جَمْعَ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الرَّصَاصُ الْخَالِصُ، وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْآنُكَ الْقَصْدِيرُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْآنُكُ الرَّصَاصُ الْقَلَعِيُّ وَهُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَعَةِ مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ يُنْسَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَتُنْسَبُ إِلَيْهِ السُّيُوفُ أَيْضًا فَيُقَالُ: سُيُوفٌ قَلَعِيَّةٌ، وَكَأَنَّهُ مَعْدِنٌ يُوجَدُ فِيهِ الْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ تَحْلِيَةَ السُّيُوفِ وَغَيْرِهَا مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ أَوْلَى. وَأَجَابَ مَنْ أَبَاحَهَا بِأَنَّ تَحْلِيَةَ السُّيُوفِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا شُرِعَ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ، وَكَانَ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ غِنْيَةٌ لِشِدَّتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ فِي إِيمَانِهِمْ.
٨٤ - بَاب مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ
٢٩١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَخْبَرَه أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قِبَلَ نَجْدٍ فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَفَلَ مَعَهُ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَافلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَحْتَ شجرة وَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ ثَلَاثًا وَلَمْ يُعَاقِبْهُ وَجَلَسَ.
[الحديث ٢٩١٠ - أطرافه في: ٢٩١٣، ٤١٣٤، ٤١٣٥، ٤١٣٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ عَلَّقَ سَيْفَهُ بِالشَّجَرِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي اخْتَرَطَ سَيْفَ النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ نَائِمٌ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي.
٨٥ - بَاب لُبْسِ الْبَيْضَةِ
٢٩١١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute