للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَيْ شَيْئًا يَسِيرًا، وَهُوَ بِنُونٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مُصَغَّرًا، وَهُوَ تَصْغِيرُ هَنَةٍ؛ أَيْ: شَيْءٍ، فَصَغَّرَهُ لِكَوْنِهِ أَثَرًا يَسِيرًا. انْتَهَى. وَقَدْ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَقِبَ سِيَاقِهِ بِلَفْظِ الْأَكْثَرِ. إِنَّمَا هُوَ عِنْدَ (١). قُلْتُ: وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيٍّ، لَكِنْ يَبْقَى فِي الْكَلَامِ نَقْصٌ، وَيُبَيِّنُهُ مَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ غَسَّانَ بْنِ مُضَرَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِلَفْظِ: وَهُوَ كَيَوْمِ دَفَنْتُهُ، إِلَّا هُنَيَّةً عِنْدَ أُذُنِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِرِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ الَّتِي صَوَّبَهَا عِيَاضٌ. وَجَمَعَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَشْعَثِ بَيْنَ لَفْظِ: غَيْرَ وَلَفْظِ: عِنْدَ فَقَالَ: غَيْرَ هُنَيَّةٍ عِنْدَ أُذُنِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا: فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذُنِهِ. سَقَطَ مِنْهَا لَفْظُ هُنَيَّةٍ وَهُوَ مُسْتَقِيمُ الْمَعْنَى. وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ فِي أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالْأُذُنِ بَعْضُهَا. وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّهُ فِي رِوَايَتِهِ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ مَنْصُوبَةٌ ثُمَّ هَاءُ الضَّمِيرِ، أَيْ: عَلَى حَالَتِهِ.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ السَّكَنِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ (٢) بِلَفْظِ: غَيْرَ أَنَّ طَرَفَ أُذُنِ أَحَدِهِمْ تَغَيَّرَ، وَلِابْنِ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ: إِلَّا قَلِيلًا مِنْ شَحْمَةِ أُذُنِهِ. وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ: إِلَّا شَعَرَاتٍ كُنَّ مِنْ لِحْيَتِهِ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ. وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّعَرَاتُ الَّتِي تَتَّصِلُ بِشَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ سَبَبَ تَغَيُّرِ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ثُمَّ مَثَّلُوا بِهِ، فَجَدَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ، الْحَدِيثَ. وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَطَعُوا بَعْضَ أُذُنَيْهِ لَا جَمِيعَهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَحَكَى أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ: عَنْ مُجَاهِدٍ. بَدَلَ عَطَاءٍ. قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ غَيْرُهُ أَصَحُّ. قُلْتُ: وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَآخَرُونَ، كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَفِي قِصَّةِ وَالِدِ جَابِرٍ مِنَ الْفَوَائِدِ: الْإِرْشَادُ إِلَى بِرِّ الْأَوْلَادِ بِالْآبَاءِ خُصُوصًا بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَالِاسْتِعَانَةُ عَلَى ذَلِكَ بِإِخْبَارِهِمْ بِمَكَانَتِهِمْ مِنَ الْقَلْبِ. وَفِيهِ قُوَّةُ إِيمَانِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ؛ لِاسْتِثْنَائِهِ النَّبِيَّ مِمَّنْ جَعَلَ وَلَدَهُ أَعَزَّ عَلَيْهِ مِنْهُمْ. وَفِيهِ كَرَامَتُهُ بِوُقُوعِ الْأَمْرِ عَلَى مَا ظَنَّ، وَكَرَامَتُهُ بِكَوْنِ الْأَرْضِ لَمْ تُبْلِ جَسَدَهُ مَعَ لُبْثِهِ فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لِمَكَانِ الشَّهَادَةِ. وَفِيهِ فَضِيلَةٌ لِجَابِرٍ لِعَمَلِهِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَكَانِهِ.

٧٨ - بَاب اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِي الْقَبْرِ

١٣٥٣ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ يَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ.

قَوْلُهُ: (بَابُ اللَّحْدِ وَالشَّقِّ فِي الْقَبْرِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ قَتْلَى أُحُدٍ وَلَيْسَ فِيهِ لِلشَّقِّ ذِكْرٌ.

قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَيِّتَيْنِ جَمِيعًا فِي اللَّحْدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ


(١) أي "عند أذنه" بدل "غير أذنه" لكنه لايتم بها الكلام كما قال الشارح، والله أعلم
(٢) في المخطوطة: عن أبي سلمة