للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقَتْلِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، فَإِنَّ الَّذِي عَارَضَهُ ظَنَّ أَنَّ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ حُجَّةً فِي جَوَازِ قَتْلِ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ كَأَنْ يَتَمَسَّكَ الْحَجَّاجُ فِي قَتْلِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ، وَكَأَنَّ عَنْبَسَةَ تَلَقَّفَ ذَلِكَ عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ صَدِيقَهُ، فَبَيَّنَ أَبُو قِلَابَةَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِمْ قَتْلُ الرَّاعِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَالِارْتِدَادُ عَنِ الْإِسْلَامِ.

وَهُوَ جَوَابٌ ظَاهِرٌ، فَلَمْ يُورِدْ أَبُو قِلَابَةَ قِصَّةَ الْعُرَنِيِّينَ مُسْتَدِلًّا بِهَا عَلَى تَرْكِ الْقَسَامَةِ، بَلْ رَدَّ عَلَى مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا لِلْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ، وَأَمَّا قِصَّةُ الْغَارِ فَأَشَارَ بِهَا إِلَى أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِهَلَاكِ مَنْ حَلَفَ فِي الْقَسَامَةِ عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْقَتِيلِ الَّذِي وَقَعَتِ الْقَسَامَةُ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَقَدْ مَضَى فِي كِتَابِ الْمَبْعَثِ، وَفِيهِ فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ الَّذِينَ حَلَفُوا عَيْنٌ تَطْرِفُ.

وَجَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ فِي ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْهُ قَالَ: كَانَتِ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حِجَازًا بَيْنَ النَّاسِ، فَكَانَ مَنْ حَلَفَ عَلَى إِثْمٍ أُرِيَ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ يُنَكَّلُ بِهَا عَنِ الْجَرَاءَةِ عَلَى الْحَرَامِ، فَكَانُوا يَتَوَرَّعُونَ عَنْ أَيْمَانِ الصَّبْرِ وَيَهَابُونَهَا، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَهَا أَهْيَبَ.

ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ فِي سِيَاقِ قِصَّةِ الْهُذَلِيِّينَ تَصْرِيحٌ بِمَا صَنَعَ عُمَرُ هَلْ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ أَوْ حَكَمَ بِالدِّيَةِ، فَقَوْلُ الْمُهَلَّبِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ السُّنَّةِ إِنْ كَانَ أَشَارَ بِهِ إِلَى صَنِيعِ عُمَرَ فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ رَأْيَ أَبِي قِلَابَةَ وَمَحْوَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الدِّيوَانِ لَا تُرَدُّ بِهِ السُّنَنُ فَمَقْبُولٌ، لَكِنْ مَا هِيَ السُّنَّةُ الَّتِي وَرَدَتْ بِذَلِكَ؟ نَعَمْ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ اسْتِدْلَالِ أَبِي قِلَابَةَ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُشْرَعُ إِلَّا فِي الثَّلَاثَةِ لِرَدِّ الْقَوَدِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ أَنَّ الْقَوَدَ قَتْلُ نَفْسٍ بِنَفْسٍ وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي الطَّرِيقِ إِلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ.

٢٣ - بَاب مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ لَهُ

٦٩٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو اليمَانِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ ، فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ - أَوْ مَشَاقِصَ - وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ.

٦٩٠١ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ "أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ - فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ. قال رسول الله : "إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ"

٦٩٠٢ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ : "لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ"

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَيْهِ فَلَا دِيَةَ لَهُ) كَذَا جَزَمَ بِنَفْيِ الدِّيَةِ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي سَاقَهُ تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ؛ لَكِنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عَلَى عَادَتِهِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ) أَيْ نَظَرَ مِنْ عُلُوٍّ، وَهَذَا الرَّجُلُ لَمْ أَعْرِفِ اسْمَهُ صَرِيحًا، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ بَشْكُوَالَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْغَيْثِ أَنَّهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ وَالِدِ مَرْوَانَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدًا لِذَلِكَ، وَوَجَدْتُ فِي كِتَابِ مَكَّةَ لِلْفَاكِهِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنِ