الزُّهْرِيِّ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ دَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَلْعَنُ الْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ وَهُوَ يَقُولُ اطَّلَعَ عَلَيَّ وَأَنَا مَعَ زَوْجَتِي فُلَانَةَ فَكَلَحَ فِي وَجْهِي، وَهَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُودِ هُنَا، وَوَقَعَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: جَاءَ سَعْدٌ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَامَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى الْبَابِ فَقَالَ: هَكَذَا عَنْكَ فَإِنَّمَا الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الْمُبْهَمُ الَّذِي فِي ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَلَمْ يَنْسِبْ سَعْدٌ هَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ حُجْرٍ فِي بَعْضِ حُجَرٍ) تَقَدَّمَ ضَبْطُ اللَّفْظين فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ.
قَوْلُهُ: (بِمِشْقَصٍ أَوْ مَشَاقِصَ) هُوَ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَأَنَّهُ النَّصْلُ الْعَرِيضُ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ الَّذِي بَعْدَهُ مِدْرًى قَدْ يُخَالِفُهُ فَيُحْمَلُ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمِدْرَى كَانَ مُحَدَّدًا فَأَشْبَهَ النَّصْلَ، وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْمِدْرَى فِي بَابِ الِامْتِشَاطِ مِنْ كِتَابِ اللِّبَاسِ وَأَنَّ مِمَّا قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ حَدِيدَةً كَالْخِلَالِ لَهَا رَأْسٌ مُحَدَّدٌ وَقِيلَ لَهَا سِنَّانِ مِنْ حَدِيدٍ.
قَوْلُهُ: (وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ لَامٌ مِنَ الْخَتْلِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَهُوَ الْإِصَابَةُ عَلَى غَفْلَةٍ.
قَوْلُهُ: (لِيَطْعُنَهُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الطَّعْنَ بِالْفِعْلِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالْقَوْلِ بِفَتْحِهَا وَقَدْ قِيلَ هُمَا سَوَاءٌ، زَادَ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَذَهَبَ أَوْ لَحِقَهُ فَأَخْطَأَ، وَفِي رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ حَمَّادٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فَمَا أَدْرِي أَذَهَبَ أَوْ كَيْفَ صَنَعَ.
الحديث الثاني، قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ) هُوَ ابْنُ سَعْدٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي حُجْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (أَنَّكَ) رِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيُّ أَنْ خَفِيفَةٌ.
قَوْلُهُ: (فِي عَيْنَيْكَ) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي، وَالسَّرَخْسِيِّ وَلِلْبَاقِينَ فِي عَيْنِكَ بِالْإِفْرَادِ، وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي تَعَدُّدَ الْقِصَّةِ لِأَنَّهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ جَزَمَ بِأَنَّهُ اطَّلَعَ وَأَرَادَ أَنْ يَطْعُنَهُ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ عَلَّقَ طَعْنَهُ عَلَى نَظَرِهِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ قِبَلِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مِنْ جِهَةِ.
قَوْلُهُ: (الْبَصَرُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ النَّظَرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظٍ آخَرَ.
الحديث الثالث، قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ) هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ ﷺ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ، أَخْرَجَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ سُفْيَانَ.
قَوْلُهُ: (لَوْ أَنَّ امْرَأً) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ قَبْلَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ) عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ، وَالْمُرَادُ بِالْجُنَاحِ هُنَا الْحَرَجُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ حَرَجٍ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ.
وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ حَمَلَ الْجُنَاحَ هُنَا عَلَى الْإِثْمِ، وَرُتِّبَ عَلَى ذَلِكَ وُجُوبُ الدِّيَةِ؛ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ رَفْعِ الْإِثْمِ رَفْعُهَا لِأَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ إِثْبَاتَ الْحِلِّ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ، وَوَرَدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْهُ بِلَفْظِ مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ وَلَا قِصَاصَ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ هَدَرٌ.
وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ إِبْقَاءُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَتَرْبِيَتِهِ وَاتِّخَاذُ آلَةٍ يُزِيلُ بِهَا عَنْهُ الْهَوَامَّ وَيَحُكُّ بِهَا لِدَفْعِ الْوَسَخِ أَوِ الْقَمْلِ.
وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى مَنْ يَكُونُ فِي بَيْتٍ مُغْلَقِ الْبَابِ وَمَنْعُ التَّطَلُّعِ عَلَيْهِ مِنْ خَلَلِ الْبَابِ، وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الِامْتِشَاطِ، وَقَدْ