للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذَلِكَ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: الْكِبْرُ السَّفَهُ عَنِ الْحَقِّ، وَغَمْصُ النَّاسِ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: السَّفَهُ أَنْ يَكُونَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَيُنْكِرُهُ فَيَأْمُرُهُ رَجُلٌ بِتَقْوَى اللَّهِ فَيَأْبَى، وَالْغَمْصُ أَنْ يَجِيءَ شَامِخًا بِأَنْفِهِ، وَإِذَا رَأَى ضُعَفَاءَ النَّاسِ وَفُقَرَاءَهُمْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَجْلِسْ إِلَيْهِمْ مَحْقَرَةً لَهُمْ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ : مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ: مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ دَرَجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ دَرَجَةً؛ حَتَّى يَجْعَلَهُ اللَّهُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، وَمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى اللَّهِ دَرَجَةً وَضَعَهُ اللَّهُ دَرَجَةً حَتَّى يَجْعَلَهُ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفَعَهُ: إِيَّاكُمْ وَالْكِبْرَ، فَإِنَّ الْكِبْرَ يَكُونُ فِي الرَّجُلِ وَإِنَّ عَلَيْهِ الْعَبَاءَةَ.

وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ، عَنِ الطَّبَرِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِبْرِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْكُفْرُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْأَحَادِيثِ عَلَى اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْكِبْرِ مَا هُوَ اسْتِكْبَارٌ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مَعْنَى مَا قُلْنَاهُ؛ لِأَنَّ مُعْتَقِدَ الْكِبْرِ عَلَى رَبِّهِ يَكُونُ لِخَلْقِ اللَّهِ أَشَدَّ اسْتِحْقَارًا انْتَهَى. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَار بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. الْحَدِيثَ، وَالْأَمْرُ بِالتَّوَاضُعِ نَهْيٌ عَنِ الْكِبْرِ فَإِنَّهُ ضِدُّهُ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ؛ فَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَعَ أَوَّلِ الدَّاخِلِينَ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُهَا بِدُونِ مُجَازَاةٍ، وَقِيلَ: جَزَاؤُهُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا وَلَكِنْ قَدْ يُعْفَى عَنْهُ، وَقِيلَ وَرَدَ مَوْرِدَ الزَّجْرِ وَالتَّغْلِيظِ، وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَالَ دُخُولِهَا وَفِي قَلْبِهِ كِبْرٌ، حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ، وَاسْتَضْعَفَهُ النَّوَوِيُّ فَأَجَادَ لِأَنَّ الْحَدِيثَ سِيقَ لِذَمِّ الْكِبْرِ وَصَاحِبِهِ لَا لِلْإِخْبَارِ عَنْ صِفَةِ دُخُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمَقَامُ يَقْتَضِي حَمْلَ الْكِبْرِ عَلَى مَنْ يَرْتَكِبُ الْبَاطِلَ؛ لِأَنَّ تَحْرِيرَ الْجَوَابِ إِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ الزِّينَةِ لِإِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ فَهُوَ جَائِزٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَطَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى تَسْفِيهِ الْحَقِّ وَتَحْقِيرِ النَّاسِ وَالصَّدِّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ الْمَذْمُومُ.

٦٢ - بَاب الْهِجْرَةِ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ

٦٠٧٣، ٦٠٧٤ - ، ٦٠٧٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ لِأُمِّهَا: أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَتَنْهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَتْ: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا؛ فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حِينَ طَالَتْ الْهِجْرَةُ؛ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا وَلَا أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَقَالَ لَهُمَا: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ؛ فَإِنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي.

فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ؛ فَقَالَا: السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: ادْخُلُوا، قَالُوا: كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نَعَم، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ