وَلَا فِي الْجِنِّ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدِي فِي ذَلِكَ شَيْءٌ.
قَوْلُهُ: (يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطُّ) فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ، وَأَبِي يَعْلَى وَقَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَرْكَبْ بَعِيرًا قَطُّ أَرَادَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِذَلِكَ أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَدْخُلْ فِي النِّسَاءِ الْمَذْكُورَاتِ بِالْخَيْرِيَّةِ لِأَنَّهُ قَيَّدَهُنَّ بِرُكُوبِ الْإِبِلِ وَمَرْيَمُ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْكَبُ الْإِبِلَ، وَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّهَا أَفْضَلُ النِّسَاءِ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ) أَمَّا مُتَابَعَةُ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ فَوَصَلَهَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْهُ، وَأَمَّا مُتَابَعَةُ إِسْحَاقَ الْكَلْبِيِّ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ عَنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ عَنْهُ.
٤٧ - بَاب قَوْلُهُ: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا﴾
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَلِمَتُهُ: كُنْ فَكَانَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا. ﴿وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ﴾
٣٤٣٥ - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبَادَةَ ﵁، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَلِ.
قَالَ الْوَلِيدُ: وحَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، عَنْ جُنَادَةَ، وَزَادَ: مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّهَا شَاءَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ﴾ - إِلَى - ﴿وَكِيلا﴾ قَالَ عِيَاضٌ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلِغَيْرِهِ بِحَذْفِ قُلْ وَهُوَ الصَّوَابُ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ قُلْ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ﴾ الْآيَةَ، وَلَكِنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ آيَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ بِدَلِيلِ إِيرَادِهِ لِتَفْسِيرِ بَعْضِ مَا وَقَعَ فِيهَا فَالِاعْتِرَاضُ مُتَّجَهٌ.
قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَلِمَتُهُ كُنْ فَكَانَ) هَكَذَا فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَوَقَعَ نَظِيرُهُ فِي كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَفِي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: وَرُوحٌ مِنْهُ أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ﴾ قَوْلُهُ كُنْ فَكَانَ، وَرُوحٌ مِنْهُ اللَّهُ ﵎ أَحْيَاهُ فَجَعَلَهُ رُوحًا. ﴿وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ﴾ أَيْ لَا تَقُولُوا هُمْ ثَلَاثَةٌ.
قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ﴾ هُوَ بَقِيَّةُ الْآيَةِ الَّتِي فَسَّرَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَادَةَ) هُوَ ابْنُ الصَّامِتِ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ الْمَذْكُورَةِ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ جُنَادَةَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ.
قَوْلُهُ: (وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) زَادَ