رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ
قَوْلُهُ: (بَابٌ: مَنْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ لِيَرَاهُ النَّاسُ) أَيْ: إِذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْفِطْرِ لَا تَخْتَصُّ بِمَنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ أَوْ خَشِيَ الْعُجْبَ وَالرِّيَاءَ أَوْ ظُنَّ بِهِ الرَّغْبَةُ عَنِ الرُّخْصَةِ، بَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ لِيُتَابِعَهُ مَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَيَكُونُ الْفِطْرُ فِي حَقِّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَفْضَلَ لِفَضِيلَةِ الْبَيَانِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) كَذَا عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ فِي الْمَغَازِي، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ فَلَمْ يَذْكُرْ طَاوُسًا فِي الْإِسْنَادِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُجَاهِدٌ أَخَذَهُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ لَقِيَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحَمَلَهُ عَنْهُ، أَوْ سَمِعَهُ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَثَبَّتَهُ فِيهِ طَاوُسٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْجَرِيدَتَيْنِ عَلَى الْقَبْرَيْنِ فِي الطَّهَارَةِ.
قَوْلُهُ: (فَرَفَعَهُ إِلَى يَدِهِ) كَذَا فِي الْأُصُولِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنَ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ إِنَّمَا يَكُونُ بِالْيَدِ، وَأَجَابَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمَعْنَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَفَعَهُ إِلَى أَقْصَى طُولِ يَدِهِ، أَيِ: انْتَهَى الرَّفْعُ إِلَى أَقْصَى غَايَتِهَا. قُلْتُ: وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ فِي الْبُخَارِيِّ فَرَفَعَهُ إِلَى فِيهِ وَهَذَا أَوْضَحُ، وَلَعَلَّ الْكَلِمَةَ تَصَحَّفَتْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مَعَ بَقِيَّةِ مَبَاحِثِ الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (لِيَرَاهُ النَّاسُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَالنَّاسُ بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي لِيُرِيَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَالنَّاسَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّاسِخُ كَتَبَ لِيَرَاهُ النَّاسُ بِالْيَاءِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ اخْتِلَافٌ.
قَوْلُهُ: (فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ. . . إِلَخْ) فَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ فِعْلِهِ ﷺ ذَلِكَ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ لَا لِلْأَوْلَوِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُوَضِّحُ الْمُرَادَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
٣٩ - بَاب ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ﴾
قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَسَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ وَقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ فَنَسَخَتْهَا: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ
١٩٤٩ - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَرَأَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute