للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَدْ بَلَغَنَا قَتْلُ عُثْمَانَ، فَقُلْتُ لَهَا: مَنْ تَأْمُرِينِي بِهِ؟ قَالَتْ: عَلِيٌّ. قَالَ: فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَبَايَعْتُ عَلِيًّا وَرَجَعْتُ إِلَى الْبَصْرَةِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: هَذِهِ عَائِشَةُ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ نَزَلُوا بِجَانِبِ الْخُرَيْبَةِ يَسْتَنْصِرُونَ بِكَ، فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ فَذَكَّرْتُهَا بِمَا قَالَتْ لِي، ثُمَّ أَتَيْتُ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ فَذَكَّرْتُهُمَا فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَفِيهَا: قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أُقَاتِلُكُمْ وَمَعَكُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَا أُقَاتِلُ رَجُلًا أَمَرْتُمُونِي بِبَيْعَتِهِ، فَاعْتَزَلَ الْقِتَالَ مَعَ الْفَرِيقَيْنِ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهُ هَمَّ بِالتَّرْكِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْقِتَالِ مَعَ عَلِيٍّ ثُمَّ ثَبَّطَهُ عَنْ ذَلِكَ أَبُو بَكْرَةَ، أَوْ هَمَّ بِالْقِتَالِ مَعَ عَلِيٍّ فَثَبَّطَهُ أَبُو بَكْرَةَ، وَصَادَفَ مُرَاسَلَةَ عَائِشَةَ لَهُ فَرَجَحَ عِنْدَهُ التَّرْكُ.

وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: نَزَلَ عَلِيٌّ بِالزَّاوِيَةِ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْأَحْنَفُ: إِنْ شِئْتَ أَتَيْتُكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَفْتُ عَنْكَ أَرْبَعَةَ آلَافِ سَيْفٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: كُفَّ مَنْ قَدَرْتَ عَلَى كَفِّهِ.

١١ - بَاب كَيْفَ الْأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ؟

٧٠٨٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ. قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ. قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا. قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ؟ قَالَ: فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ كَيْفَ الْأَمْرُ إِذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ؟) كَانَ تَامَّةٌ، وَالْمَعْنَى: مَا الَّذِي يَفْعَلُ الْمُسْلِمُ فِي حَالِ الِاخْتِلَافِ مِنْ قَبْلِ أن يَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خَلِيفَةٍ؟

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي بُسْرٌ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ (ابْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِالتَّصْغِيرِ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ شَامِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ وَالصَّحَابِيَّ.

قَوْلُهُ: (مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي) فِي رِوَايَةِ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: وَعَرَفْتُ أَنَّ الْخَيْرَ لَنْ يَسْبِقَنِي.

قَوْلُهُ: (فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ) يُشِيرُ إِلَى مَا كَانَ مِنْ قَبْلِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْكُفْرِ وَقَتْلِ بَعْضِهُمْ بَعْضًا وَنَهْبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَإِتْيَانِ الْفَوَاحِشَ.

قَوْلُهُ: (فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ)؛ يَعْنِي الْإِيمَانَ وَالْأَمْنَ وَصَلَاحَ الْحَالِ وَاجْتِنَابَ الْفَوَاحِشِ، زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ حُذَيْفَةَ: فَنَحْنُ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ) فِي رِوَايَةِ نَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ: فِتْنَةٌ وَفِي رِوَايَةِ سُبَيْعِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْهُ؟ قَالَ: السَّيْفُ. قَالَ: فَهَلْ بَعْدَ السَّيْفِ مِنْ تَقِيَّةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ هُدْنَةٌ. وَالْمُرَادُ بِالشَّرِّ مَا يَقَعُ مِنَ