فَكَانُوا يَجْتَمِعُونَ، وَلَوْلَا وُثُوقُ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالرِّضَا مَا جَزَمَ بِذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَا يَسْتَلْزِمُ الْمُوَاعَدَةَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وُقُوعُ الْمُوَاعَدَةِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ، لِأَنَّهَا إِذَا مُنِعَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ خِطْبَتِهَا تَصْرِيحًا فَفِي هَذَا يَكُونُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهَا إِذَا طُلِّقَتْ دَخَلَتِ الْعِدَّةَ قَطْعًا، قَالَ: وَلَكِنَّهَا وَإِنِ اطَّلَعَتْ عَلَى ذَلِكَ فَهِيَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالْخِيَارِ، وَالنَّهْيُ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ الْمُوَاعَدَةِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا لَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ. وَفِيهِ جَوَازُ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.
(تَنْبِيهٌ):
حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَ فِي مَكَانِهِ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ، لَكِنْ تَعَجَّلْتُهُ هُنَا لِتَكْمِيلِ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ تَرْجَمَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ بَابُ الْإِخَاءِ وَالْحَلِفِ، ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ حُمَيْدٍ وَاخْتَصَرَهُ، فَاقْتَصَرَ مِنْهُ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَآخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ؛ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ، فَرَأَى ذَلِكَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فَظَنَّ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُسْتَقِلٌّ؛ فَتَرْجَمَ فِي أَبْوَابِ الْوَلِيمَةِ: ذِكْرُ الْوَلِيمَةِ لِلْإِخَاءِ، ثُمَّ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقَالَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَكَوْنُ هَذَا طُرَفًا مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُمَارَسَةٍ بِهَذَا الْفَنِّ، وَالْبُخَارِيُّ يَصْنَعُ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَالْأَمْرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِالْوَلِيمَةِ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الزَّوَاجِ لَا لِأَجْلِ الْإِخَاءِ، وَقَدْ تَعَرَّضَ الْمُحِبُّ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ أَبَدَاهُ احْتِمَالًا، وَلَا يَحْتَمِلُ جَرَيَانُ هَذَا الِاحْتِمَالِ مِمَّنْ يَكُونُ مُحَدِّثًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ (مَا أَوْلَمَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ) هِيَ بِنْتُ جَحْشٍ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَحَمَّادٌ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ ابْنُ زَيْدٍ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ لَا التَّحْدِيدِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الشَّاةَ حَدٌّ لِأَكْثَرِ الْوَلِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَأَكْمَلُهَا شَاةٌ، لَكِنْ نَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَكْثَرِهَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ: أَقَلُّهَا لِلْمُوسِرِ شَاةٌ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الْمَاضِي وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ.
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ) وَشُعَيْبٌ هُوَ ابْنُ الْحَبْحَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي بَابِ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ تَقَدَّمَ فِي بَابِ اتِّخَاذِ السَّرَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَنْطَاعِ فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالْأَقِطِ وَالسَّمْنِ فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيْسِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْحَيْسُ يُؤْخَذُ التَّمْرُ فَيُنْزَعُ نَوَاهُ وَيُخْلَطُ بِالْأَقِطِ أَوِ الدَّقِيقِ أَوِ السَّوِيقِ اهـ. وَلَوْ جُعِلَ فِيهِ السَّمْنُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ حَيْسًا.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ.
قَوْلُهُ (زُهَيْرٌ) هُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ.
قَوْلُهُ (عَنْ بَيَانٍ) هُوَ ابْنُ بِشْرٍ الْأَحْمَسِيُّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيِّ عَنْ مَالِكِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ، فِيهِ عَنْ زُهَيْرٍ حَدَّثَنَا بَيَانٌ.
قَوْلُهُ (بِامْرَأَةٍ) يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ لِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُ يَدْعُو رِجَالًا إِلَى الطَّعَامِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ ذَلِكَ وَاضِحًا مِنْ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ لِهَذَا الْحَدِيثِ تَامًّا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ بَيَانِ بْنِ بِشْرٍ؛ فَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ إِلَى الطَّعَامِ: فَلَمَّا أَكَلُوا وَخَرَجُوا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَأَى رَجُلَيْنِ جَالِسَيْنِ؛ فَذَكَرَ قِصَّةَ نُزُولِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ الْآيَةَ، وَهَذَا فِي قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ لَا مَحَالَةَ كَمَا تَقَدَّمَ سِيَاقُهُ مُطَوَّلًا وَشَرْحُهُ فِي تَفْسِيرِ الْأَحْزَابِ.
٦٩ - بَاب مَنْ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ
٥١٧١ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: ذُكِرَ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسٍ؛