للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِشَاعَةِ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا أَوِ اسْتِئْلَافِ قُلُوبِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فِي حَيَاتِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: لَوْ فُتِحَ بَابُ هَذَا الْخُصُوصِ لَانْسَدَّ كَثِيرٌ مِنْ ظَوَاهِرِ الشَّرْعِ، مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ لَتَوَفَّرَتِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ: قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِمُحَمَّدٍ. قُلْنَا: وَمَا عَمِلَ بِهِ مُحَمَّدٌ تَعْمَلُ بِهِ أُمَّتُهُ، يَعْنِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخُصُوصِيَّةِ. قَالُوا: طُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ، وَأُحْضِرَتِ الْجِنَازَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قُلْنَا: إِنَّ رَبَّنَا عَلَيْهِ لَقَادِرٌ، وَإِنَّ نَبِيَّنَا لَأَهْلٌ لِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا تَقُولُوا إِلَّا مَا رُوِّيتُمْ، وَلَا تَخْتَرِعُوا حَدِيثًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تُحَدِّثُوا إِلَّا بِالثَّابِتَاتِ، وَدَعُوا الضِّعَافَ، فَإِنَّهَا سَبِيلُ تَلَافٍ، إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ تَلَافٍ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: قَوْلُهُمْ: رُفِعَ الْحِجَابُ عَنْهُ مَمْنُوعٌ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَكَانَ غَائِبًا عَنِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ صَلَّوْا عَلَيْهِ مَعَ النَّبِيِّ .

قُلْتُ: وَسَبَقَ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ - بِالْجِيمِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ - فِي قِصَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ قَالَ: فَصَفَّنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَمَا نَرَى شَيْئًا. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَصْلُهُ فِي ابْنِ مَاجَهْ، لَكِنْ أَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ يَرَاهُ وَلَا يَرَاهُ الْمَأْمُومُونَ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ اتِّفَاقًا.

(فَائِدَةٌ): أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَجَازَ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَائِبِ أَنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ، إِلَّا مَا حُكِيَ عَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ أَحَدِ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ.

٥٥ - بَاب صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْجَنَائِزِ

١٣٢١ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: مَتَى دُفِنَ هَذَا؟ قَالُوا: الْبَارِحَةَ، قَالَ: أَفَلَا آذَنْتُمُونِي؟ قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ - فَصَلَّى عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ صُفُوفِ الصِّبْيَانِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْجَنَائِزِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: عَلَى الْجَنَائِزِ أَيْ عِنْدَ إِرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنِ التَّرْجَمَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَإِرَادَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى الْمَتْنِ يَأْتِي مُسْتَوْفًى بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا، وَسَيَأْتِي بَعْدَ ثَلَاثِ تَرَاجِمَ بَابُ صَلَاةِ الصِّبْيَانِ مَعَ النَّاسِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ دُونَ الْبُلُوغِ، لِأَنَّهُ شَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَقَدْ قَارَبَ الِاحْتِلَامَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ.

٥٦ - بَاب سُنَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائز

وَقَالَ النَّبِيُّ : مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ

وَقَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، وَقَالَ: صَلُّوا عَلَى النَّجَاشِيِّ

سَمَّاهَا صَلَاةً، لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، وَلَا يُتَكَلَّمُ فِيهَا، وَفِيهَا تَكْبِيرٌ وَتَسْلِيمٌ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي إِلَّا طَاهِرًا، وَلَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبِهَا، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ، وَأَحَقُّهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَى جَنَائِزِهِمْ مَنْ رَضُوهُمْ لِفَرَائِضِهِمْ، وَإِذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ عِنْدَ الْجَنَازَةِ يَطْلُبُ الْمَاءَ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الْجَنَازَةِ وَهُمْ يُصَلُّونَ يَدْخُلُ مَعَهمْ بِتَكْبِيرَةٍ. وَقَالَ ابْنُ