وَلَفْظُهُ: الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي وَقَدْ شَتَمَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ وَطُرِحَ فِي النَّارِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُعَاقَبُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ وَظُلْمِهِ وَلَمْ يُعَاقَبْ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ بَلْ بِجِنَايَتِهِ، فَقُوبِلَتِ الْحَسَنَاتُ بِالسَّيِّئَاتِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ عَدْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَقْبُرِيَّ إِلَخْ) ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ، وَإِسْمَاعِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ.
١١ - بَاب إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ
٢٤٥٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا﴾ قَالَتْ: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ.
[الحديث ٢٤٥٠ - أطرافه في: ٢٦٩٤، ٤٦٠١، ٥٢٠٦]
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا حَلَّلَهُ مِنْ ظُلْمِهِ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ) أَيْ مَعْلُومًا عِنْدَ مَنْ يَشْتَرِطُهُ أَوْ مَجْهُولًا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ، وَهُوَ فِيمَا مَضَى بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا فِيمَا سَيَأْتِي فَفِيهِ الْخِلَافُ.
ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الَّتِي تَخْتَلِعُ مِنْ زَوْجِهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَمُحَمَّدٌ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْخُلْعَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ عَقْدٍ لَازِمٍ كَذَلِكَ، كَذَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فَوَهَمَ، وَمَوْرِدُ الْحَدِيثِ وَالْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ مَنْ تُسْقِطُ حَقَّهَا مِنَ الْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ مِنَ الْخُلْعِ فِي شَيْءٍ، فَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ الْإِشْكَالُ فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَتِ التَّرْجَمَةُ بِمُطَابِقَةٍ لِلْحَدِيثِ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ التَّرْجَمَةَ تَتَنَاوَلُ إِسْقَاطَ الْحَقِّ مِنَ الْمَظْلِمَةِ الْفَائِتَةِ، وَالْآيَةُ مَضْمُونُهَا إِسْقَاطُ الْحَقِّ الْمُسْتَقْبَلِ حَتَّى لَا يَكُونَ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِهِ مَظْلِمَةً لِسُقُوطِهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ تَلَطَّفَ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: إِذَا نَفَذَ الْإِسْقَاطُ فِي الْحَقِّ الْمُتَوَقَّعِ فَلَأَنْ يَنْفُذَ فِي الْحَقِّ الْمُحَقَّقِ أَوْلَى. قُلْتُ: وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هِبَةِ الْمَرْأَةِ يَوْمَهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
١٢ - بَاب إِذَا أَذِنَ لَهُ أَوْ أَحَلَّهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ
٢٤٥١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ - وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ - فَقَالَ لِلْغُلَامِ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ الْغُلَامُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي يَدِهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا أَذِنَ لَهُ) أَيْ فِي اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ (أَوْ أَحَلَّهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَوْ أَحَلَّ لَهُ، (وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute