للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَكَذَا ثَبَتَ لِمَالِكٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، أَيْ هُوَ حَقِيقٌ بِعَدَمِ الِازْدِرَاءِ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ زَرَيْتُ عَلَيْهِ وَأَزْرَيْتُ بِهِ إِذَا تَنَقَّصْتُهُ. وَفِي مَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَفَعَهُ أَقِلُّوا الدُّخُولَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِمَعَانِي الْخَيْرِ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ بِحَالٍ تَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مُجْتَهِدًا فِيهَا إِلَّا وَجَدَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ، فَمَتَى طَلَبَتْ نَفْسُهُ اللَّحَاقَ بِهِ اسْتَقْصَرَ حَالَهُ، فَيَكُونُ أَبَدًا فِي زِيَادَةٍ تُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ، وَلَا يَكُونُ عَلَى حَالٍ خَسِيسَةٍ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَجَدَ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ أَخَسُّ حَالًا مِنْهُ. فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ نِعْمَة اللَّهِ وَصَلَتْ إِلَيْهِ دُونَ كَثِيرٍ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ أَوْجَبَهُ فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ الشُّكْرَ، فَيَعْظُمُ اغْتِبَاطُهُ بِذَلِكَ فِي مَعَادِهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَوَاءُ الدَّاءِ، لِأَنَّ الشَّخْصَ إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيهِ حَسَدًا، وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الشُّكْرِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ قَالَ: خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا: مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينِهِ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ. وَأَمَّا مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُكْتَبُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا.

٣١ - بَاب مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِسَيِّئَةٍ

٦٤٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا جَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ النَّبِيِّ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ ﷿ قَالَ: قَالَ: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً.

قَوْلُهُ: بَابُ مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ أَوْ بِسَيِّئَةٍ الْهَمُّ: تَرْجِيحُ قَصْدِ الْفِعْلِ، تَقُولُ: هَمَمْتُ بِكَذَا أَيْ قَصَدْتُهُ بِهِمَّتِي، وَهُوَ فَوْقَ مُجَرَّدِ خُطُورِ الشَّيْءِ بِالْقَلْبِ.

قَوْلُهُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَجَّاجِ الْمِنْقَرِيُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْقَافِ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، وَالسَّنَدُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ، وَجَعْدُ بْنُ دِينَارٍ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَهُوَ الْجَعْدُ أَبُو عُثْمَانَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ فِي أَوَاخِرِ النَّفَقَاتِ وَفِي غَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.

قَوْلُهُ: عَنِ النَّبِيِّ ) فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ التَّصْرِيحَ بِسَمَاعِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَهُ مِنَ النَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ، ثُمَّ هُوَ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَلَقَّاهُ عَنْ رَبِّهِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَلَقَّاهُ بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقُدْسِيَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْبَيَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِسْنَادِ