٦ - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
٦٨٧٨ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمُفَارِقُ لِدِينِهِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ، وَعِنْدَ النَّسَفِيِّ بَعْدَهُ الْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ وَسَاقَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِلَى قَوْلِهِ: الظَّالِمُونَ وَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ مُطَابَقَتُهَا لِلَفْظِ الْحَدِيثِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا وَإِنْ وَرَدَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ لَكِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ مُسْتَمِرٌّ فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، فَهُوَ أَصْلٌ فِي الْقِصَاصِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ.
قَوْلُهُ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَحِلُّ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ زِيَادَةٌ فِي أَوَّلِهِ وَهِيَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَا يَحِلُّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: لَا يَحِلُّ إِثْبَاتُ إِبَاحَةِ قَتْلِ مَنِ اسْتُثْنِيَ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْرِيمِ قَتْلِ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَتْلُ مَنْ أُبِيحَ قَتْلُهُ مِنْهُمْ وَاجِبًا فِي الْحُكْمِ.
قَوْلُهُ: (دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ: دَمُ رَجُلٍ وَالْمُرَادُ لَا يَحِلُّ إِرَاقَةُ دَمِهِ أَيْ كُلُّهُ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَتْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُرِقْ دَمَهُ.
قَوْلُهُ: (يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) هِيَ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ ذُكِرت لِبَيَانِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْلِمِ هُوَ الْآتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ، أَوْ هِيَ حَالٌ مُقَيِّدَةٌ لِلْمَوْصُوفِ إِشْعَارًا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ الْعُمْدَةِ فِي حَقْنِ الدَّمِ، وَهَذَا رَجَّحَهُ الطِّيبِيُّ، وَاسْتَشْهَدَ بِحَدِيثِ أُسَامَةَ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
قَوْلُهُ: (إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ) أَيْ خِصَالٍ ثَلَاثٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ: إِلَّا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ.
قَوْلُهُ: (النَّفْسُ بِالنَّفْسِ) أَيْ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ قُتِلَ بِشَرْطِهِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ الْمَذْكُورِ: قَتَلَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ: وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا ظُلْمًا.
قَوْلُهُ: (وَالثَّيِّبُ الزَّانِي) أَيْ فَيَحِلُّ قَتْلُهُ بِالرَّجْمِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ: رَجُلٍ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: الزَّانِي يَجُوزُ فِيهِ إِثْبَاتُ الْيَاءِ وَحَذْفُهَا وَإِثْبَاتُهَا أَشْهَرُ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُفَارِقُ لِدِينِهِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ) كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ، وَلِلْبَاقِينَ وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ لَكِنْ عِنْدَ النَّسَفِيِّ، وَالسَّرَخْسِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي وَالْمَارِقُ لِدِينِهِ: قَالَ الطِّيبِيُّ الْمَارِقُ لِدِينِهِ هُوَ التَّارِكُ لَهُ، مِنَ الْمُرُوقِ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ، وَلَهُ فِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ: الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ وَزَادَ: قَالَ الْأَعْمَشُ فَحَدَّثْتُ بِهِمَا إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي النَّخَعِيَّ فَحَدَّثَنِي عَنِ الْأَسْوَدِ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ الطَّرِيقُ أَغْفَلَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ ذِكْرَهَا فِي مُسْنَدِ عَائِشَةَ وَأَغْفَلَ التَّنْبِيهَ عَلَيْهَا فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ لَكِنْ قَالَ بِالْإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا وَلَمْ يَقُلْ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَأَفْرَدَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ سَوَاءً، وَالْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ أَيْ فَارَقَهُمْ أَوْ تَرَكَهُمْ بِالِارْتِدَادِ، فَهِيَ صِفَةٌ لِلتَّارِكِ أَوِ الْمُفَارِقِ لَا صِفَةٌ