يَكُونَ اتَّفَقَا عَلَى التَّخْرِيجِ لِسَعْدٍ، ثُمَّ اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ، وَالِاعْتِرَاضُ سَاقِطٌ، وَالضَّمِيرُ إِنَّمَا هُوَ لِسَعْدٍ وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ وَهُوَ سَعِيدٌ لَا لِيَعْقُوبَ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: (قَالَا حَدَّثَنَا أَبِي) أَيْ: قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ امْرَأَةً) تَقَدَّمَ في مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ شَرْحُ الْحَدِيثِ، وَأَنَّهَا لَمْ تُسَمَّ.
قَوْلُهُ: (زَادَ لَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ إِلَخْ) يُرِيدُ بِالسَّنَدِ الَّذِي قَبْلَهُ وَالْمَتْنِ كُلِّهِ، وَالْمَزِيدُ هُوَ قَوْلُهُ: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ، وَقَدْ مَضَى فِي مَنَاقِبِ الصِّدِّيقِ بِلَفْظِ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ وَسَاقَهُ بِتَمَامِهِ وَفِيهِ الزِّيَادَةُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: زَادَنَا، وَزَادَ لَنَا، وَكَذَا: زَادَنِي، وَزَادَ لِي، وَيَلْتَحِقُ بِهِ، قَالَ لَنَا، وَقَالَ لِي، وَمَا أَشْبَهَهَا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: حَدَّثَنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَنَّهُ حَمَلَ ذَلِكَ عَنْهُ سَمَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَجِيزُهَا فِي الْإِجَازَةِ وَمَحَلُّ الرَّدِّ مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْقَائِلِ مِنَ التَّعْمِيمِ، وَقَدْ وُجِدَ لَهُ فِي مَوْضِعِ زَادَنَا: حَدَّثَنَا، وَذَلِكَ لَا يَدْفَعُ احْتِمَالَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَجِيزُ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَقُولَ: قَالَ لَنَا، وَلَا يَسْتَجِيزُ: حَدَّثَنَا، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: اسْتَدَلَّ النَّبِيُّ ﷺ بِظَاهِرِ قَوْلِهَا: فَإِنْ لَمْ أَجِدْكَ أَنَّهَا أَرَادَتِ الْمَوْتَ، فَأَمَرَهَا بِإِتْيَانِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ اقْتَرَنَ بِسُؤَالِهَا حَالَةَ أَفْهَمَتْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَنْطِقْ بِهَا، قُلْتُ: وَإِلَى ذَلِكَ وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ فِي الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا الَّتِي فِيهَا: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ لَكِنَّ قَوْلَهَا: فَإِنْ لَمْ أَجِدْكَ أَعَمُّ فِي النَّفْيِ مِنْ حَالِ الْحَيَاةِ وَحَالِ الْمَوْتِ ; وَدَلَالَتُهُ لَهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُطَابِقٌ لِذَلِكَ الْعُمُومِ، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ هُوَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ
النَّبِيِّ ﷺ صَحِيحٌ، لَكِنْ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ لَا التَّصْرِيحِ، وَلَا يُعَارِضُ جَزْمَ عُمَرَ بِأَنَّ النَّبِيِّ ﷺ لَمْ يَسْتَخْلِفْ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ نَفْيُ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَمُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ يَتَأَذَّى بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ.
قُلْتُ: فِي هَذَا الثَّانِي نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ: فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ، فَهَذَا حُكْمٌ يُعْرَفُ بِالنَّصِّ وَالتَّرْجَمَة، حُكْمٌ يُعْرَفُ بِالِاسْتِدْلَالِ، فَالَّذِي قَالَهُ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ مُسْتَقِيمٌ بِخِلَافِ هَذَا، وَالَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ مِنَ اسْتِدْلَالِ أَبِي أَيُّوبَ عَلَى كَرَاهِيَةِ أَكْلِ الثُّومِ بِامْتِنَاعِ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ جِهَةِ عُمُومِ التَّأَسِّي أَقْرَبُ مِمَّا قَالَهُ.
٢٥ - بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ
٧٣٦١ - وَقَالَ أَبُو الْيَمَانِ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالْمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ.
٧٣٦٢ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ فَقال رسول الله ﷺ: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ﴾ الْآيَةَ
٧٣٦٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ