للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٣٤ - باب]

١٢٩٣ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: جِيءَ بِأَبِي يَوْمَ أُحُدٍ - قَدْ مُثِّلَ بِهِ - حَتَّى وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقَدْ سُجِّيَ ثَوْبًا، فَذَهَبْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْشِفَ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَكْشِفُ عَنْهُ، فَنَهَانِي قَوْمِي، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صَوْتَ صَائِحَةٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: ابْنَةُ عَمْرٍو، أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو. قَالَ: فَلِمَ تَبْكِي؟ - أَوْ لَا تَبْكِي - فَمَا زَالَتْ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رُفِعَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ) كَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَرِيمَةَ، وَعَلَى ثُبُوتِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقٍ بِالَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (قَدْ مُثِّلَ بِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ، يُقَالُ: مُثِّلَ بِالْقَتِيلِ إِذَا جُدِعَ أَنْفُهُ، أَوْ أُذُنُهُ، أَوْ مَذَاكِيرُهُ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ. وَالِاسْمُ: الْمُثْلَةُ؛ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ.

قَوْلُهُ: (سُجِّيَ ثَوْبًا) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ الثَّقِيلَةِ، أَيْ غُطِّيَ بِثَوْبٍ.

قَوْلُهُ: (ابْنَةُ عَمْرٍو أَوْ أُخْتُ عَمْرٍو) هَذَا شَكٌّ مِنْ سُفْيَانَ، وَالصَّوَابُ بِنْتُ عَمْرٍو وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرٍو، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَى الصَّوَابِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ فِي أَوَائِلِ الْجَنَائِزِ بِلَفْظِ: فَذَهَبَتْ عَمَّتِي فَاطِمَةُ. وَوَقَعَ فِي الْإِكْلِيلِ لِلْحَاكِمِ تَسْمِيَتُهَا هِنْدُ بِنْتُ عَمْرٍو، فَلَعَلَّ لَهَا اسْمَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا اسْمُهَا وَالْآخَرَ لَقَبُهَا، أَوْ كَانَتَا جَمِيعًا حَاضِرَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: فَلِمَ تَبْكِي؟ أَوْ لَا تَبْكِي) هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ عَنْ غَائِبَةٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ لَا تَبْكِي. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي: هَلِ اسْتَفْهَمَ أَوْ نَهَى. لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْجَنَائِزِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ: تَبْكِي أَوْ لَا تَبْكِي. وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ هَذَا الْجَلِيلَ الْقَدْرِ الَّذِي تُظِلُّهُ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ، بَلْ يُفْرَحَ لَهُ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ.

٣٥ - بَاب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ

١٢٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.

[الحديث ١٢٩٤ - أطرافه في: ١٢٩٧، ١٢٩٨، ٣٥١٩]

قَوْلُهُ: (بَابُ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ) قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: أَفْرَدَ هَذَا الْقَدْرَ بِتَرْجَمَةٍ لِيُشْعِرَ بِأَنَّ النَّفْيَ الَّذِي حَاصِلُهُ التَّبَرِّي يَقَعُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ لَا بِمَجْمُوعِهَا. قُلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةٌ لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ: أَوْ شَقَّ الْجُيُوبَ، أَوْ دَعَا. إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ) بِزَايٍ وَمُوَحَّدَةٍ، مُصَغَّرٌ.

قَوْلُهُ: (الْيَامِيُّ) بِالتَّحْتَانِيَّةِ وَالْمِيمِ الْخَفِيفَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: الْأَيَامِيُّ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ فِي أَوَّلِهِ. وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ، وَلِسُفْيَانَ - وَهُوَ الثَّوْرِيُّ - فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ سَيُذْكَرُ بَعْدَ بَابَيْنِ.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِنْ أَهْلِ سُنِّتَتَا وَطَرِيقَتِنَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إِخْرَاجَهُ عَنِ الدِّينِ، وَلَكِنْ فَائِدَةُ إِيرَادِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ الْمُبَالَغَةُ فِي الرَّدْعِ عَنِ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ عِنْدَ مُعَاتَبَتِهِ: لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي، أَيْ: مَا أَنْتَ عَلَى طَرِيقَتِي. وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُلَخَّصُهُ: التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ إِنَّمَا وَرَدَ عَنْ أَمْرٍ وُجُودِيٍّ، وَهَذَا يُصَانُ كَلَامُ الشَّارِعِ عَنِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي ذَلِكَ يَكُونُ قَدْ تَعَرَّضَ