الرِّوَايَةِ، ثُمَّ يُطْلِقُ عَلَى الْجَمِيعِ التَّعَجْرُفَ، أَفَهَذَا شَارِحٌ أَوْ جَارِحٌ؟ وَوَقَفْتُ مِنْ تَسْمِيَةِ مَنْ رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرٍ عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ خَفِيفَةٌ هُوَ الْبَعِيرُ الْبَطِيءُ السَّيْرِ، يُقَالُ: ثَفَالٌ وَثَفِيلٌ، وَأَمَّا الثِّفَالُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ فَهُوَ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الرَّحَى لِيَنْزِلَ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: مَنْ ضَبَطَ الثَّفَالَ الَّذِي هُوَ الْبَعِيرُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ. وَقَوْلُهُ: أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، كَذَا لِلْجَمِيعِ، وَذَكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ بِلَفْظِ: أَرْبَعُ الدَّنَانِيرِ وَقَالَ: سَقَطَتِ الْهَاءُ لَمَّا دَخَلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: فَلَمْ يَكُنِ الْقِيرَاطُ يُفَارِقُ قِرَابَ جَابِرٍ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالنَّسَفِيِّ بِقَافٍ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ: يَعْنِي: خَرِيطَتَهُ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ الْمُرَادَ قِرَابُ سَيْفِهِ، وَأَنَّ الْخَرِيطَةَ لَا يُقَالُ لَهَا قِرَابٌ. انْتَهَى. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ جِرَابٌ، فَهُوَ الَّذِي حَمَلَ الدَّاوُدِيَّ عَلَى تَأْوِيلِهِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ زَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: فَأَخَذَهُ أَهْلُ الشَّامِ يَوْمَ الْحَرَّةِ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْعُرْفِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَ الزِّيَادَةِ فِي قَوْلِهِ: وَزِدْهُ، فَاعْتَمَدَ بِلَالٌ عَلَى الْعُرْفِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى قِيرَاطٍ، فَلَوْ زَادَ مَثَلًا دِينَارًا لَتَنَاوَلَهُ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ لَكِنَّ الْعُرْفَ يَأْبَاهُ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَدْرُ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَذِنَ فِي زِيَادَتِهِ، وَذَلِكَ الْقَدْرُ الَّذِي زِيدَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مَنْ يَأْمُرُ لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى كُلِّ دِينَارٍ رُبْعَ قِيرَاطٍ، فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي ذَلِكَ بِالنَّصِّ لَا بِالْعُرْفِ.
٩ - بَاب وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الْإِمَامَ فِي النِّكَاحِ
٢٣١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا. قَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ.
[الحديث ٢٣١٠ - أطرافه في: ٥٠٢٩، ٥٠٣٠، ٥٠٨٧، ٥١٢١، ٥١٢٦، ٥١٣٢، ٥١٣٥، ٥١٤١، ٥١٤٩، ٥١٥٠، ٥٨٧١، ٧٤١٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الْإِمَامَ فِي النِّكَاحِ) أَيْ: تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ. وَالْإِمَامُ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ. وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ النِّكَاحِ. وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الدَّاوُدِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ ﷺ اسْتَأْذَنَهَا وَلَا أَنَّهَا وَكَّلَتْهُ، وَإِنَّمَا زَوَّجَهَا الرَّجُلَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ انْتَهَى. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا: قَدْ وَهَبْتُ لَكَ نَفْسِي فَفَوَّضَتْ أَمْرَهَا إِلَيْهِ. وَقَالَ الَّذِي خَطَبَهَا: زَوِّجْنِيهَا فَلَمْ تُنْكِرْ هِيَ ذَلِكَ، بَلِ اسْتَمَرَّتْ عَلَى الرِّضَا، فَكَأَنَّهَا فَوَّضَتْ أَمْرَهَا إِلَيْهِ لِيَتَزَوَّجَهَا أَوْ يُزَوِّجَهَا لِمَنْ رَأَى، وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إِنِّي وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي وَخَلَتْ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ لَفْظِ مِنْ، فَقَالَ النَّوَوِيُّ: قوْلُ الْفُقَهَاءِ وَهَبْتُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا مِمَّا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْإِنْكَارَ مَرْدُودٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهَا فِي الْإِثْبَاتِ مِنَ النُّحَاةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ابْتِدَائِيَّةً، وَهُنَاكَ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: طَيِّبَةً مَثَلًا.
١٠ - بَاب إِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ جَائِزٌ
وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى جَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute