بَابُ قَوْلِهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ) شَكٌّ مِنْ أَحَدِ رُوَاتِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنَ الطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْهَا الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ تُشْبِهُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ وَلَمْ يَشُكَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ الْبَيَانُ الْوَاضِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّجَرَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ النَّخْلَةُ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا شَجَرَةُ الْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ قَالَ: هِيَ شَجَرَةُ جَوْزِ الْهِنْدِ لَا تَتَعَطَّلُ مِنْ ثَمَرَةٍ تَحْمِلُ كُلَّ شَهْرٍ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ: (طَيِّبَةٌ) أَيْ لَذِيذَةُ الثَّمَرِ أَوْ حَسَنَةُ الشَّكْلِ أَوْ نَافِعَةٌ، فَتَكُونُ طَيِّبَةٌ بِمَا يَئُولُ إِلَيْهِ نَفْعُهَا. وَقَوْلُهُ: ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾ أَيْ لَا يَنْقَطِعُ، وَقَوْلُهُ: ﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ أَيْ هِيَ نِهَايَةٌ فِي الْكَمَالِ، لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُرْتَفِعَةٌ بَعُدَتْ عَنْ عُفُونَاتِ الْأَرْضِ. وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ النَّخْلَةُ وَالشَّجَرَةُ الْخَبِيثَةُ الْحَنْظَلَةُ.
٢ - بَاب ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾
٤٦٩٩ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾
قَوْلُهُ بَابُ ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الْبَرَاءِ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ أَتَمَّ سِيَاقًا وَاسْتَوْفَيْتُ شَرْحَهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ.
٣ - بَاب ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ أَلَمْ تَرَ: أَلَمْ تَعْلَمْ
كَقَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا﴾، ﴿الْبَوَارِ﴾ الْهَلَاكُ، بَارَ يَبُورُ بورا. ﴿قَوْمًا بُورًا﴾ هَالِكِينَ.
٤٧٠٠ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ قَالَ: هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ أَلَمْ تَرَ: أَلَمْ تَعْلَمْ، كَقَوْلِهِ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا﴾ زَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِلَفْظِهِ.
قَوْلُهُ: (الْبَوَارُ الْهَلَاكُ، بَارَ يَبُورُ بَوْرًا، قَوْمًا بُورًا: هَالِكِينَ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ نَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى مَعَ شَرْحِهِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمُ الْأَفْجَرَانِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ أَخْوَالِي وَأَعْمَامِكِ، فَأَمَّا أَخْوَالِي فَاسْتَأْصَلَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا أَعْمَامُكُ فَأَمْلَى اللَّهُ لَهُمْ إِلَى حِينٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ قَالَ: هُمُ الْأَفْجَرَانِ بَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو الْمُغِيرَةَ، فَأَمَّا بَنُو الْمُغِيرَةَ فَقَطَعَ اللَّهُ دَابِرَهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَمَّا بَنُو أُمَيَّةَ فَمُتِّعُوا إِلَى حِينٍ. وَهُوَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَيْضًا وَالنَّسَائِيِّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. قُلْتُ: الْمُرَادُ بَعْضُهُمْ لَا جَمِيعَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَبَنِي مَخْزُومٍ لَمْ يُسْتَأْصَلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، بَلِ الْمُرَادُ بَعْضُهُمْ كَأَبِي جَهْلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ وَأَبِي سُفْيَانَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute