للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَذَا التَّهَيُّؤَ الْكَامِلَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا أَدْخَلَهُ لِقَوْلِهِ: إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ، أَيْ إِذَا قَامَ لِعَادَتِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنْتُ عَادَتَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَلَفْظُ التَّهَجُّدِ مَعَ ذَلِكَ مُشْعِرٌ بِالسَّهَرِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي التَّسَوُّكِ عَوْنًا عَلَى دَفْعِ النَّوْمِ، فَهُوَ مُشْعِرٌ بِالِاسْتِعْدَادِ لِلْإِطَالَةِ. وَقَالَ الْبَدْرُ بْنُ جَمَاعَةَ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ اسْتِحْضَارَ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، يَعْنِي: الْمُشَارَ إِلَيْهِ قَرِيبًا، قَالَ: وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْهُ لِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ وَاحِدَةٌ، أَوْ نَبَّهَ بِأَحَدِ حَدِيثَيْ حُذَيْفَةَ عَلَى الْآخَرِ. وأقربها تَوْجِيهُ ابْنِ رَشِيدٍ.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَّضَ التَّرْجَمَةَ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ، فَضَمَّ الْكَاتِبُ الْحَدِيثَ إِلَى الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَذَفَ الْبَيَاضَ.

١٠ - باب كيف صلاة النبي ؟

وكم كان النبي يصلي من الليل؟

١١٣٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ.

قَوْلُهُ: (بابُ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيلِ، وَكَمْ كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ)؟

أَوْرَدَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ:

أَوَّلُهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ، وَأَنَّهُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ لِكَوْنِهِ أَجَابَ بِهِ السَّائِلَ، وَأَنَّهُ صَحَّ عَنْهُ فَعَلُ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ.

١١٣٨ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَعْنِي: بِاللَّيْلِ.

١١٣٩ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: سَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ، سِوَى رَكْعَتِي الْفَجْرِ.

١١٤٠ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ ثَلَاثَ عَشْرَةَ يَعْنِي: بِاللَّيْلِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا بَيَانُ الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَتْ: سَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، سِوَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ.

رَابِعُهَا: حَدِيثُهَا مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْهَا: كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، مِنْهَا الْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: كَانَتْ صَلَاتُهُ عَشْرَ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَتِلْكَ ثَلَاثُ عَشْرَةَ. فَأَمَّا مَا أَجَابَتْ بِهِ مَسْرُوقًا فَمُرَادُهَا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَتَارَةً كَانَ يُصَلِّي سَبْعًا، وَتَارَةً تِسْعًا، وَتَارَةً إِحْدَى عَشْرَةَ. وَأَمَّا حَدِيثُ الْقَاسِمِ عَنْهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ غَالِبَ حَالِهِ، وَسَيَأْتِي