أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً؟ قَالَ: اذْهَبْ فاحجج مَعَ امْرَأَتِكَ.
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنِ اكْتَتَبَ فِي جَيْشٍ فَخَرَجَتِ امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، أَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ؟) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ.
وَفِيهِ قَوْلُهُ: اذْهَبْ فَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِكَ وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ الْمُحْصَرِ مِنَ الْحَجِّ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْحَجَّ فِي حَقِّ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ مَعَ حَجِّ التَّطَوُّعِ فِي حَقِّهِ تَحْصِيلُ حَجِّ الْفَرْضِ لِامْرَأَتِهِ، وَكَانَ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ لَهُ أَفْضَلَ مِنْ مُجَرَّدِ الْجِهَادِ الَّذِي يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ، وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ كِتَابَةِ الْجَيْشِ، وَنَظَرُ الْإِمَامِ لِرَعِيَّتِهِ بِالْمَصْلَحَةِ.
١٤١ - بَاب الْجَاسُوسِ
وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ التَّجَسُّسُ التَّبَحُّثُ.
٣٠٠٧ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعْتُ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا ﵁ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ، وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ وقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً وَمَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا. فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ. فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَءا مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ بِمَكَّةَ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا وَلَا رِضًا بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قَدْ صَدَقَكُمْ. فقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ.
قَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَيُّ إِسْنَادٍ هَذَا.
[الحديث ٣٠٠٧ - أطرافه في: ٣٠٨١، ٣٩٨٣، ٤٢٧٤، ٤٨٩٠، ٦٢٥٩، ٦٩٣٩]
قَوْلُهُ: (بَابُ الْجَاسُوسِ) بِجِيمٍ وَمُهْمَلَتَيْنِ، أَيْ: حُكْمُهُ إِذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْكُفَّارِ، وَمَشْرُوعِيَّتُهُ إِذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: (وَالتَّجَسُّسُ: التَّبَحُّثُ) هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ الْآيَةَ) مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ إِمَّا لِمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ كَانَتْ سَبَبَ نُزُولِهَا، وَإِمَّا لِأَنْ يَنْتَزِعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute