أَوْ عَقِبِهِ أَوْ عِنْدَ الدُّخُولِ أَوْ عَقِبِهِ أَوْ مُوَسَّعٌ مِنِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ إِلَى انْتِهَاءِ الدُّخُولِ عَلَى أَقْوَالٍ: قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفُوا فَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اسْتِحْبَابُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ عِنْدَ الْعَقْدِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ. وَقَالَ في مَوْضِعٌ آخَرُ: يَجُوزُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ.
وَذَكَرَ ابْنُ السُّبْكِيِّ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ: لَمْ أَرَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ تَعَيُّنَ وَقْتِهَا، وَأَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ قَوْلِ الْبَغَوِيِّ: ضَرْبُ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ جَائِزٌ فِي الْعَقْدِ وَالزِّفَافِ قبل وَبَعْدُ قَرِيبًا مِنْهُ، أَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، قَالَ: وَالْمَنْقُولُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي وَقْتِ الْوَلِيمَةِ اهـ، وَمَا نَفَاهُ مِنْ تَصْرِيحِ الْأَصْحَابِ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهَا عِنْدَ الدُّخُولِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لِقَوْلِهِ فِيهِ أَصْبَحَ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ فَدَعَا الْقَوْمَ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ الْبِنَاءِ، وَيَقَعُ الدُّخُولُ عَقِبَهَا وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهَا لِلدُّخُولِ لَا لِلْإِمْلَاكِ أَنَّ الصَّحَابَةَ بَعْدَ الْوَلِيمَةِ تَرَدَّدُوا هَلْ هِيَ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ، فَلَوْ كَانَتِ الْوَلِيمَةُ عِنْدَ الْإِمْلَاكِ لَعَرَفُوا أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِأَنَّ السُّرِّيَّةَ لَا وَلِيمَةَ لَهَا؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ (مَقْدَمَ النَّبِيِّ ﷺ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِ أَيْ زَمَانَ قُدُومِهِ، وَسَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ. وَتَقَدَّمَ قَبْلَ بَابَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ خَدَمَ النَّبِيَّ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ، وَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْآدَابِ مِنْ طَرِيقِ سَلَامِ بْنِ مِسْكِينٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ آخِرُهُ: قَالَ أَنَسٌ: وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنَّ مُدَّةَ خِدْمَتِهِ كَانَتْ تِسْعَ سِنِينَ وَبَعْضَ أَشْهُرٍ؛ فَأَلْغَى الزِّيَادَةَ تَارَةً وَجَبَرَ الْكَسْرَ أُخْرَى.
قَوْلُهُ (فَكُنَّ أُمَّهَاتِي) يَعْنِي أُمَّهُ وَخَالَتَهُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا، وَإِنْ ثَبَتَ كَوْنُ مُلَيْكَةَ جَدَّتَهِ فَهِيَ مُرَادَةٌ هُنَا لَا مَحَالَةَ.
قَوْلُهُ (يُوَاظِبْنَنِي) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِظَاءٍ مُشَالَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ نُونَيْنِ، مِنَ الْمُوَاظَبَةِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِطَاءٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٍ مَهْمُوزَةٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الْمُوَاطَأَةِ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ يُوَطِّنَّنِي بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى مُشَدَّدَةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الْوَاوِ وَلَا حَرْفَ آخَرَ بَعْدَ الطَّاءِ مِنَ التَّوْطِينِ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ مِثْلُهُ لَكِنْ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا النُّونَانِ مِنَ التَّوْطِئَةِ، تَقُولُ: وَطْأَتُهُ عَلَى كَذَا؛ أَيْ حَرَّضْتُهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ (وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ) تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ وَبَسْطُ شَرْحِهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ
٦٨ - بَاب الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ
٥١٦٧ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا ﵁، قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ: كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَعَنْ حُمَيْدٍ، قال: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ نَزَلَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ، فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: أُقَاسِمُكَ مَالِي وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ؟ قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ فَتَزَوَّجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute